الابتكار والتكنولوجيا لأغراض تربية الأحياء المائية المستدامة
الإمارات تنجح في استزراع الصحراء بالأسماك عالية القيمة الغذائية
أقامت منظمة الأغذية والزراعة شراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتنفيذ مشروع مشترك يرمي لتطوير الصناعة الناشئة لاستزراع الأسماك على المستوى القطري وتوسيع نطاقها، ويتمثل الهدف من ذلك في جعل تربية الأحياء المائية أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة ومجدية من الناحية الاقتصادية من أجل تلبية احتياجات عدد السكان المتزايد وطلبهم على الأسماك.
وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو» يقول ليونيل دبادي، أحد كبار الموظفين في شعبة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية: إن منظمة الأغذية والزراعة تعمل مع الحكومة لجعل الإمارات العربية المتحدة مركزًا عالميًا للتكنولوجيا والابتكار في مجال الزراعة، واستزراع الأسماك خير مثال على الابتكار الجاري تطبيقه بنجاح".
أضافت الفاو أنه في شبه الجزيرة العربية، يعتبر الإماراتيون من بين أكبر مستهلكي الأسماك، وتمثّل سمكة الهامور المرقّطة باللون البرتقالي نوع السمك المفضّل محلّيًا، ولكن، تراجعت الأرصدة السمكية مع تزايد طلب المستهلكين، وأثّرت جائحة كوفيد -19 كذلك على توقّعات المستهلكين وطلبهم على الأغذية المنتجة محليًا، ورغم حاجة الإمارات العربية المتحدة إلى استيراد 90% من احتياجاتها من الغذاء، يرغب عدد متزايد من المستهلكين بإنتاج أغذيتهم على مقربة من ديارهم. وبالتالي، فإنّ الإمكانات هائلة.
أشارت الى أن الإمارات العربية المتحدة، تستثمر بدعم فنّي من المنظمة، في التكنولوجيات الحديثة من أجل إرساء إنتاج مستدام ومربح لتربية الأحياء المائية من شأنه الحفاظ على إمدادات الأسماك في البلاد وتحسين أمنها الغذائي وتحويل نظامها الغذائي والتقدّم المحرز مذهلٌ بالفعل.
تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أنّ توافر المياه العذبة قد انخفض بنسبة الثلثين في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في السنوات الأربعين الماضية، وأنه من المتوقع أن ينخفض بنسبة 50% إضافية بحلول عام 2050. ولكنّ الخبراء قد وجدوا سبلًا لاستخدام المياه المالحة الصحراوية والمياه المتوسطة الملوحة لاستزراع الأسماك، وقد تم التوصّل إلى ابتكارات مثل نظم تربية الأحياء المائية المتكاملة، والاستزراع النباتي والسمكي، ونظم تربية الأحياء المائية القائمة على إعادة التدوير، حيث يمكن إعادة تدوير المياه أو إعادة استخدامها، وتم التركيز بشكل خاص على الاحتياجات الفريدة للمياه في البلدان القاحلة، فالنظم القائمة على إعادة تدوير المياه لا تحافظ على المياه العذبة الثمينة فحسب، بل توفّر ظروفًا مثالية لاستزراع الأسماك، حتى في الظروف الصحراوية القاسية.
وفي مزارع الأسماك، مثل مزرعة الأسماك الإماراتية في الوثبة، على بعد 40 كيلومترًا من العاصمة أبو ظبي، يستخدم الموظفون أحدث التكنولوجيا الحاسوبية لرصد درجة حرارة المياه وجودتها، فضلًا عن مستويات الأوكسجين فيها على مدى 24 ساعة في اليوم. وتشير نظم الإنذارات الحسّية فورًا إلى وجود أي تغيّر قد يهدّد بقاء الأسماك. فقد يؤدي أي انقطاع في إمدادات الطاقة إلى نفوق الأسماك.
وفقا للفاو تشكل تربية الأحياء المائية أولوية بالنسبة إلى حكومة الإمارات العربية المتحدة التي أدرجتها كعنصر رئيسي في استراتيجيتها الوطنية للأمن الغذائي. وتشمل هذه الاستراتيجية مبادرات تعزّز الممارسات الزراعية القادرة على الصمود من أجل زيادة الإنتاجية والمساعدة في الحفاظ على النظم الإيكولوجية. والحكومة ملتزمة بتعزيز الإنتاج المحلي عن طريق استخدام التكنولوجيات الحديثة وإقامة شراكات دولية لتنويع المصادر الغذائية.
وتم إنشاء «مركز الابتكار البحري» في مركز الشيخ خليفة للأبحاث البحرية بإمارة أم القيوين في إطار خطط الإمارات العربية المتحدة للنهوض بالابتكار في مجال تكنولوجيا العلوم البيولوجية والبحوث العلمية البحرية.
واليوم، تنتج جهات فاعلة خاصة ما بين 500 و1000 طنّ من سمك السلمون الأطلسي والهامور والقاروس وسمك الكنعد أصفر الذيل والكافيار العضوي في مرافق عدّة في جميع أنحاء البلاد. ويقول ليونيل دبادي، أحد كبار الموظفين في شعبة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية: «إنّ التحدّي يتمثل في تحسين التكنولوجيا وخفض تكاليف الإنتاج، ويستطرد قائلًا: "إذا كان بوسعهم تحقيق وفورات في الحجم، فيمكنهم زيادة الإنتاج إلى 000 30 طنّ بحلول عام 2030. وإذا استطاعوا أن يفعلوا ذلك، تزيد الربحية".