خدعوك فقالوا، تستلزم جراحة... حمي البحر الأبيض المتوسط مرض وراثي عائلي، يحدث بسبب طفرة في الجين المسؤول عن تقليل حدة الالتهابات مجهولة المصدر، مما يؤدي إلي اضطراب التهابي يسبب الحمي المتكررة مع التهابات مؤلمة في البطن والرئتين والمفاصل.
وسمي المرض بهذا الإسم لانتشاره بين سكان البحر الأبيض المتوسط، و يوجد بشكل ظاهر عند العرب واليهود الشرقيين والأرمن والأتراك واليونايين.
وحير هذا المرض كثيراً من الأسر واختلف فيه الأطباء لتشابهه من حيث الأعراض مع أمراض أخرى.
ومن أشهر أعراضه، ألم البطن الناتج عن التهاب حاد في الغشاء البرتوني المحيط بالأمعاء، و الذي يبدأ في ربع واحد من البطن، لينتشر بعدها فيشمل البطن كاملة، وتتراوح شدته ما بين خفيفٍ، فيتم تشخيصه على أنه "تلبك معوي" شديدٍ لا يحتمل، مع صعوبة فرد الظهر، وقد يكون مصحوباً بقيء أو إنتفاخ أو إمساك، فيشخص خطأ على أنه التهاب في الزائدة الدودية، مما يعرض بعض المرضى لإجراء عمليات جراحية بدون دواع طبية. وعادة ما يصاحب المرض، حرارة تكون مسبوقة برعشة تصل إلى ما بين 38 و40 درجة مئوية، وتبلغ ذروتها خلال فترة تتراوح ما بين 12 و24 ساعة.
وأحياناً يكون هناك ألم في الصدر أيضا بسبب التهاب الغشاء البلوري المحيط بالرئتين والذي يمكن أن يمتد ليشمل الغشاء التيموري المحيط بالقلب، كما أن الأطفال أكثر عرضة لآلام الخصية وتورمها، نتيجة التهاب الأغشية المحيطة بها.
ومن الممكن أن يأتي المريض فقط بآلام حادة في المفاصل، وعادة ما يصاب مفصل واحد في النوبة الواحدة، ويكون من المفاصل الكبيرة مثل الكاحل أو الركبة، وقد يتورم المفصل المصاب حتى يعوق المشي، وقد يستمر ألم المفصل لمدة قد تمتد من 4 أيام إلى أسبوعين، وأحياناً لا يصاحبها أعراض أخرى، مما يؤدي إلي تشخيص المرض في الأطفال علي أنه حمى روماتيزمية أو التهاب مفصلي روماتيزمي حدثي، وقد يصاحبها طفح جلدي أحمر على المفصل المصاب.
وفي بعض المرضى، يظهر لون أزرق على مستوى الأظافر مع ظهور اللون الأصفر القاتم على الأصابع، كما يتغير أحياناً لون البول إلى اللون الداكن بالإضافة إلى احتوائه على زلال.
وتظهر الأعراض لدى معظم الحالات المصابة بحمى البحر الأبيض المتوسط، من سن 5 إلى 15 عاماً، وأحياناً تبدأ قبل الخامسة أو قد تتأخر حتى بعد الخمسين.
وتزيد احتمالية الإصابة بالمرض إذا تكررت نوبات الألم على الأقل أربع مرات، تفصلها فترة زمنية ما بين أسابيع أو شهر، لا يعاني خلالها المصاب شيئاً، مع ملاحظة ارتفاع دلالات الالتهاب وعدد كرات الدم البيضاء أثناء النوبات، ويؤكد التشخيص بالدراسة الجينية.
ولا يوجد علاج لهذا المرض حتى يومنا هذا، لكن وجد أن تناول "الكولشيسين" مدى الحياة يؤدي إلى عدم عودة النوبات لدى نسبة كبيرة من المرضى، أو تباعدها وقلة حدتها في آخرين، وهناك نسبة قليلة لا تستجيب لهذا العلاج، وفي مقدورهم استبداله بـ "ألفا إنتر فيرون".
والاستمرار على "الكولشيسين" يمنع حدوث أخطر مضاعافات المرض، وهي الفشل الكلوي، الذي قد تتبعه الوفاة نتيجة ترسب بروتين "الأميليويد" فى الكلى، والذي يمكن أن يترسب في أعضاء أخرى مما يفقدها وظيفتها، وينصح المرضى بكثرة تناولهم البابونج والشمر والثوم.