الأرض
الجمعة 22 نوفمبر 2024 مـ 05:17 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي
المجموعة الأوروبية تطلق أسرع وسيلة للتخلص من متبقيات المبيدات «الأغذية العالمي» يعتمد خطة لأوكرانيا بقيمة 2.1 مليار دولار «زراعة البحيرة» تقرر عدم صرف الأسمدة المدعمة لهذه الفئات «الزراعة»: نواصل متابعة المحاصيل الشتوية.. ونراقب سوق المبيدات ومكافحة القوارض والحشرات والآفات «الصحة»: خروج جميع المصابين في حادث انقلاب أتوبيس طريق الجلالة وزير التموين يفتتح سوق اليوم الواحد في حلوان بتخفيضات كبيرة الزراعة»: معدات تحسين الأراضي تزيل التعديات وتطهر المساقى والمراوي وخدمة المزارعين بالإسكندرية والبحيرة برغم فائض العرض.. موسم واعد للمانجو المصرية «الزراعة» تناشد المزارعين عدم التكالب على تقاوي البطاطس .. كميات وفيرة ستصل قريبا باكستان تواجه تحديات الاستدامة في إنتاج الأرز.. من أزمة المياه إلى انبعاثات الكربون شراكة «مصرية - سعودية» جديدة لزيادة التبادل التجاري ودعم الأسواق فى البلدين البرازيل: انخفاض إنتاج السكر بنسبة 24%

«كبدة أمريكية» فاسدة تغزو الأسواق المصرية

 

 «مافيا» استيراد كبدة مسممة تحصد أرواح البسطاء

تقرير رسمي: فحص العينات يؤكد عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي

باحث: 70%  من اللحوم المستوردة بقايا الغرب وتصيب بالأمراض الخطيرة

 

شعبان بلال

بعيون تائهة وبأعداد كثيفة يصطف "الغلابة" في طوابير طويلة لشراء كبدة مجمدة بسعر 10 جنيهات للكيلو، مستغلين انخفاض أسعارها مقارنة بسعر كيلو البلدية، الذي يتعدى الـ 70 جنيهاً، متجاهلين الأضرار التي تلحق بهم بعد تناولها، وما يترتب عليها من مخاطر، خاصة بعد وقائع عديدة تمثلت في تسمم ووفاة العشرات بعد تناولهم الكبدة المستوردة، والمعروفة بـ"الكبدة الأمريكاني".

هذا المشهد يلخص ما يجرى في الأسواق المصرية، التي تغزوها الكبدة الفاسدة، غير المطابقة للمواصفات القياسية، حسب ما أكده خبراء ومسؤولون سابقون في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وأكده أيضا تقرير رسمي لوزارة الصحة ومباحث التموين، بتاريخ 8 فبراير 2016.

وكشفت حملة مشتركة، مع مباحث التموين والرقابة التموينية ومراقبة الأغذية، طرح كميات كبيرة من الكبدة المستوردة في الأسواق، وعلى رأسها أسواق الإسكندرية، عبارة عن كبدة أمريكية المنشأ فاسدة ومنتهية الصلاحية، معلبة في أكياس بلاستيكية.

وأكد التقرير الطبي لإدارة المجازر والتفتيش على اللحوم التابعة لهيئة الخدمات البيطري، أنه بعد الفحص الطبي لبعض الأسواق تم ضبط كبدة مستوردة بتاريخ مايو 2015 وانتهاء الصلاحية في ديسمبر 2015، ولونها مائل للاخضرار ملمسها رخو ورائحتها زنخة.

وأشار التقرير إلى ضرورة التنسيق بين كافة الإدارات المعنية بملف اللحوم في مصر لضبط الأسواق، وتشديد الرقابة على عمليات الاستيراد من قبل القطاع الخاص والحكومة في الدولة، حفاظاً على صحة المواطنين، والتي تسبب إصابتهم بأمراض خطيرة.


وحصلت "الأرض" على تقرير لمعهد بحوث صحة الحيوان، عبارة عن فحص 10 عينات من نطاق مديرية الطب البيطري بالجيزة، بناءً على قرار النيابة رقم 25977 لسنة 2015 جنح العجوزة، بأن العينات المرسلة من بيطري الجيزة "كبدة مجمدة، لحوم شاورما، لحوم مجمدة، لحوم مفرومة، وشاورما مطهية، وقطع شاورما، شيش، دهون، كفتة، أسماك"، غير محتفظة بخواصها الطبيعية.

وأكد التقرير، أن العينات بها تغير في اللون والرائحة، مع وجود تحلل بالأنسجة ووجود طبقة مخاطية على السطح الخارجي، وسائل انفصالي مدمدم بعينات اللحوم، ووجود تزنخ بعينات اللحوم والدهون والشيش والسمك، وبذلك فإن جميع العينات غير صالحة للاستهلاك الآدمي.

في سياق متصل، هناك أكثر من واقعة، كشفت عن انتشار الكبدة الفاسدة في مختلف المحافظات، أولها وفاة أربعة أفراد من أسرة واحدة ونجاة واحد فقط إثر تناولهم وجبة كبدة مسممة، وتم نقل المصاب إلى قسم السموم في حالة خطرة، في المنطقة الأولى بمدينة السادات التابعة لمحافظة المنوفية، بتاريخ 10 يناير الماضي، والواقعة الثانية كانت وفاة 3 أشخاص في منطقة بولاق الدكرور في الجيزة، نتيجة تسممهم بسبب تناول وجبة كبدة فاسدة من الشارع، وفقا لإخطار تلقاه اللواء خالد شلبي، مدير مباحث الجيزة، من هاني الحسيني، رئيس المباحث، يؤكد وفاة مواطنين نتيجة تناولهم وجبة كبدة فاسدة من الشارع، أصيبوا بسببها بحالة إعياء شديدة، وبنقلهم للمستشفى توفوا في الحال.

من جهته أكد الدكتور مصطفي عبد العزيز، مقرر لجنة المواصفات القياسية لاستيراد اللحوم، أن الأمريكيين لا يأكلون هذه الكبدة التي يصدرونها إلى الشعب المصري، ويبيعونها بـ"بلاش" للمستوردين المصريين، ويوزعها المستوردون داخل مصر، ويحققون مكاسب طائلة، دون وضع صحة المصريين في الاعتبار.

وقال الدكتور زغلول خضر، الباحث بصحة الحيوان، إن حوالي 70% من اللحوم المستوردة من الخارج ليست لحوما، وإنما هي بقايا الغرب، مشيراً إلى أن الكبدة المستوردة من الخارج مليئة بالسموم والبكتيريا ويكون سعرها زهيدا بالغرب، حيث يتراوح من 5 إلى 6 جنيهات وتباع في الأسواق المصرية من 15 إلى 20 جنيها.

وأكد "خضر"، في تصريحات لـ"الأرض"، أنهم يوردون لمصر كبد الأبقار العجوز، التي تتراكم بأحشائها السموم بكميات كبيرة، وهذه الحيوانات يتم تسمينها بهرمونات بصفة دورية وتراكمية وبطريقة خاطئة، وكل هرمون له مدة معينة وطريقة حقن محددة.

وأشار الباحث بصحة الحيوان إلى أن أمريكا تجري فحوصات وتحاليل للمتبقيات الدوائية باللحوم، ومن يجدوه بها متبقيات دوائية بشكل كبير يقوموا بإعدامها قبل توريدها لدول العام الثالث، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي يجرم استخدام الهرمونات كمحفزات للنمو، ويمنع الاستيراد من الدول المستخدمة لها، منذ عام 1998 وإلى الآن، لضمان الحفاظ على الصحة العامة للإنسان.

وأكد "خضر" أن الكبدة المستوردة تساعد بشكل كبير على تفشي الأمراض الخطيرة، مثل السرطان والفشل الكلوي والتليف الكبدي، خاصة أن تلك الحيوانات محقونة بهرمونات الذكورة والأنوثة، والتي تسبب مشاكل بالتغيرات الفسيولوجية والشكلية أثناء مرحلة البلوغ للإنسان، حيث يلاحظ بلوغ الإناث قبل مرحلة البلوغ والعجز الجنسي للذكور أثناء مراحل متأخرة من الشباب.

 وأوضح "خضر"، أن تلك الهرمونات تؤدي لتفشي مرض السل مرة أخري في مصر، بسبب تلك اللحوم المستوردة، وعندما يأكلها الانسان تتراكم البكتيريا والأدوية داخل جسمه، مما يؤدي إلى رفض الجسم للعلاج، وبالتالي صعوبة الشفاء من المرض.

ولفت الباحث بصحة الحيوان إلى أن مصر تعاني فوضى في استيراد الكبدة، حيث يتم الإفراج عن شحنات واردة من مجازر وشركات غير معتمدة، عبر تعديل مستندات الشحن، ما يمثل خطورة كبيرة على صحة المواطنين، داعيا الحكومة لتطبيق تعديلات المواصفة لمنع أي رسائل قادمة تثبت التحاليل احتواءها على هرمونات صناعية.

من جهته أكد الدكتور محمد المنيسي، أستاذ أمراض الجهاز الهضمي والكبد بقصر العيني، أن الكبدة بشكل خاص مصفاة السموم في جسم الحيوان، لذا فهي تحتوي على كميات هائلة من السموم، بالإضافة إلى أنها تفسد سريعا، في حين أن الكبدة المريضة يمكن أن تؤدى للوفاة في الحال، لأنها تنقل أخطر الديدان وهى الفشيولا، والتي تسبب أعراضا مرضية خطيرة كالتقيؤ والإسهال المزمن، والمغص المبرح.

وأضاف "المنيسي"، أن التسمم الغذائي أخطر وأشهر أعراض الكبدة الفاسدة، وقد يؤدي للوفاة في حال عدم إسعاف المريض سريعا، أو لأسباب كثيرة أخرى، وأهم أعراضه الإصابة بمغص شديد وبالغ الألم، والنزلات المعوية وهى العرض المرضى الأشهر، وجفاف الجسم، وأخيرا الوفاة نتيجة التسمم الغذائي.

من جهته قال الدكتور إبراهيم محروس، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، إن دور الهيئة ليس استيراد الماشية الحية أو اللحوم المجمدة، وإنما تلقي طلبات الشركات المستوردة وتشكيل لجان للحجر البيطري؛ لمتابعة الطلبات وفقا لإجراءات الحجر البيطري.

وأضاف "محروس" أن هناك لجانا من الهيئة تسافر لفحص الشحنات التي يتم استيرادها، سواء حية أو مجمدة، في بلد المنشأ لمدة لا تقل عن 21 يوما، وبعد وصولها إلى الميناء المصري يتم حجزها لمدة أسبوع للحصول على عينات لفحص الهرمونات والإشعاع والتأكد من خلوها من الأمراض التي تمنع تداولها في الأسواق قبل التصريح بتداولها.

وأشار رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية إلى أن الهيئة تشرف على استيراد ما يقرب من 8 آلاف طن من الكبدة والقلوب والكلاوي المجمدة شهريا، يتم الفحص الكامل لها.