الأرض
الجمعة 22 نوفمبر 2024 مـ 04:50 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي
المجموعة الأوروبية تطلق أسرع وسيلة للتخلص من متبقيات المبيدات «الأغذية العالمي» يعتمد خطة لأوكرانيا بقيمة 2.1 مليار دولار «الزراعة»: نواصل متابعة المحاصيل الشتوية.. ونراقب سوق المبيدات ومكافحة القوارض والحشرات والآفات «الصحة»: خروج جميع المصابين في حادث انقلاب أتوبيس طريق الجلالة وزير التموين يفتتح سوق اليوم الواحد في حلوان بتخفيضات كبيرة الزراعة»: معدات تحسين الأراضي تزيل التعديات وتطهر المساقى والمراوي وخدمة المزارعين بالإسكندرية والبحيرة برغم فائض العرض.. موسم واعد للمانجو المصرية «الزراعة» تناشد المزارعين عدم التكالب على تقاوي البطاطس .. كميات وفيرة ستصل قريبا باكستان تواجه تحديات الاستدامة في إنتاج الأرز.. من أزمة المياه إلى انبعاثات الكربون شراكة «مصرية - سعودية» جديدة لزيادة التبادل التجاري ودعم الأسواق فى البلدين البرازيل: انخفاض إنتاج السكر بنسبة 24% البنك المركزي يثبت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض

الفلاحون يهجرون الأراضي في المنيا.. ويؤكدون: ”الزراعة مش جايبة همها”

أرشيفية
أرشيفية

القمامة.. «قمم سرطانية» وسموم تنهش بجسد المواطنين فى «عروس الصعيد»

 

الأهالي: «إحنا بنموت بالبطىء.. القرى بلا صرف.. والعيادات بلا أطباء.. وغياب المسئولين»

 

فى «قرية الصيادين».. قوارب بلا صيادين بعد تدهور أوضاع المهنة

 

 

تقرير : مها أشرف

المنيا هي عروس الصعيد، وواحدة من أهم محافظاته، بسبب موقعها المتوسط وما تضمه من مواقع أثرية فريدة، بملامح فرعونية سمراء، وفطرة الفلاحين الفقراء، وعقول لا تخلو من العصبية، لم تصبها لعنات الخرافة، وقلوب لا تعرف غير شجاعة أبناء الصعيد، يحكى لنا أهالى محافظة المنيا أوجاعهم وشكواهم من نقص الخدمات، وإهمال موارد المحافظة سواء فى مراكز وقرى المحافظة أو المدن.

تتنوع ثروات المحافظة الطبيعية، ما بين محاجر، وثروة سمكية، وأراض زراعية، إضافة إلى الآثار التى تتنوع ما بين فرعونية وإسلامية وقبطية، وبالرغم من فقر الأهالي وضيق حالهم وانتشار البطالة، تتباين طبائعهم، وفقاً لموقعهم داخل المحافظ، وكأنهم يرمزون إلى جميع سكان مصر، فنجد أهالي قرى شرق النيل هادئين وبسطاء، يميلون إلى ارتداء الألوان الزاهية، بينما تبهرك شجاعة أهالي غربها، أما أهالى الشمال فيملون للتدين، بينما تخيفك عصبية أهالي الجنوب والتى لا تخلو من الشهامة.

 

الزراعة

تقدر مساحة الأراضي الزراعية في المنيا بنحو 452 ألف فدان، تمثل نحو 6.5% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية في مصر، من أهم المحاصيل الزراعية فيها: القطن والقمح والذرة والبطاطس وقصب السكر والموز. 

 

يبدو أن تلوث الترع في المنيا بات أمر معتادا لا يثير انتباه المسؤولين, وبات طبيعيا أن تخرج المحاصيل من الأرض الزراعية محملة برواسب التلوث والإهمال, فعلى امتداد 5 آلاف كم هي إجمالي أطوال المجاري المائية والترع بالمحافظة، لا تخلو ترعة داخل المدن والقرى من أكوام ومخلفات المنازل والمصانع, بل وصل الأمر إلى ردم العديد منها.

 

نجد تلوث المجرى المائي الرئيسي المغذي لزراعات قرية “أبو سويلم” في مدينة المنيا, وتراكم القمامة وروث المواشي والطيور النافقة, وسط أسراب الحشرات والناموس, وبات ملتقى للكلاب الضالة التي تبحث عن مطعمها بداخله, كما ردمت القمامة المجرى من نقطة بدايته, ما استدعي الفلاحين للنزول بداخله في محاولة يائسة لتسيير المياه في مجراها حتى يتسنى لهم ري أراضيهم, غير مبالين باحتمالية وجود عقارب وثعابين أو إصابتهم بالأمراض.

 

وبسؤال المزارعين عما إذا كانت عملية تلوث المجرى تؤثر علي المحاصيل وجودتها قالوا إنهم لا يأكلون تلك المحاصيل, وأضافوا أن هيئة الإصلاح الزراعي المسؤول الأول عن رفع القمامة وتنظيف المجرى المائي لكون الأراضي تابعة لها وتجمع قيمة إيجارية عن كل رقعة منزرعة بها.

 يقول الحاج سيد حفني، أبلغنا مشرف الإصلاح الزراعي بالمشاكل التي نعانيها، وحجم التلوث الذي نعيشه وسطه فأخطرنا بأن الكراكة اللازمة لتنظيف المجرى المائي معطلة, ليبقي الحال كما هو عليه.

 ومن قرية "أبو سويلم إلي مدينة ملوي", لا يختلف الأمر كثيرا، وهناك تجد تلوث معظم الترع والمجاري، ومنها ترعة "الديروطية" التي تروي مئات الأفدنة, وقال عدد من المزارعين، إن الترعة كانت منذ زمن ليس ببعيد مصدرا لمياه الشرب بالنسبة للفلاحين لشدة نقائها، وليس فقط للري.

 

كما تعاني محافظة المنيا أزمة خطيرة في انتشار القمامة بمختلف مناطقها، وتقف هذه الأزمة حائلا أمام عمليات التطوير والتجميل والنظافة الإجبارية التي يتحملها أبناء محافظة المنيا داخل شوارع المدينة التي عادت إلي سابق عهدها لتغرق في أكوام القمامة، بالرغم من أن معدات النظاقة أصبحت مكدسة في مخازن الأحياء والمدن، مما يدل علي القصور الشديد من قبل المسئولين بالمحليات.

 

فلا يكاد تذهب إلى حى من الأحياء الشعبية في المحافظة إلا وتجد القمامة تنتشر بشكل غير لائق، وتنتشر القمامة بمختلف الطرق وتتراكم علي هيئة أكوام خاصة علي امتداد الترع والمصارف والأنهار ببعض قري ومراكز المحافظة، والغريب أن معظم الأراضي التي تقع داخل الكتل السكنية كمتخللات يعتبرها بعض الأهالي كمقلب للقمامة ويعتبرونها وسيلة سهلة تخلصهم من القمامة.

 

وتحولت مقالب القمامة في قري ومراكز المحافظة إلى قمم سرطانية تنطلق منها سموم تنهش بأجساد المواطنين، فضلاً عن الفئران والثعابين والحشرات الضارة، والتي باتت تسكن المنازل بدلا من أهالي المنطقة، وما يزيد الطين بلة أن مسئولي الوحدات المحلية يصدرون فرمانات بحرقها في مقالب مخالفة للاشتراطات البيئية بدعوي أنها علي أملاكها أو تغض نظرها عن قيام الأهالي بحرقها بنواصي الشوارع.

 وأكد محمد عابدين، من أهالى أبو قرقاص، أن كافة الشوارع تخلو من صناديق جمع القمامة ما يضطر الأهالي إلي وضع الأكياس المملوءة بالمخلفات في الأماكن الفضاء وربما علي نواصي الشوارع أمام المنازل ما يؤدي إلي حدوث مشاجرات أو أمام المصالح الحكومية والمدارس الأمر الذي يجعلها مأوي لخلايا وأسراب الحشرات من الذباب والبعوض والزواحف القوارض، وكذا القطط والكلاب الضالة التي تنقل الأمراض والأوبئة بين المواطنين ولو كانت هناك عدالة وإنصاف لتمت إقالة المحافظ واختيار آخر بديل يراعى حقوق المواطن المنياوى فى العيش عيشة نظيفة خالية من الأمراض.

 

وتقول سميحة محمد توفيق صاحبة محل بمنطقة السلخانة بمدينة المنيا أن الحى دائما يطالب بسرعة إزالة المخلفات من الطرقات ونقل صناديق القمامة بعيدا عن وسط المازل و الطريق العمومى و لكن لا حياة لمن تنادى فالوضع كما هو منذ سنوات و تعمد المسؤلين وتكاسلهم هو السبب.

وأضافت سميحة، أن مقالب القمامة تحاصر المدارس، وخصوصا مدرسة السادات الابتدائية والإعدادية، ما جعل التلاميذ يضجرون من الروائح العفنة التى تدخل إليهم من الشرفات، الأمر لا يوفر الجو المناسب للتعلم والاستيعاب، فضلا عن حقهم في التعلم في بيئة نظيفة.

من جهته أكد الدكتور عبد الهادى مصباح، أستاذ المناعة بجامعة المنيا، أن تراكم القمامة لفترات طويلة يعرض المواطنبن للإصابة بالأمراض الخطيرة، منها أنفلونزا الخنازير والطيور، موضحا أنه إحراقها يؤدي إلى تدمير جهاز المناعة، ويتسبب فى الإصابة بالعديد من أمراض الصدر نتيجة استنشاق دخان المخلفات، لما تحويه من عناصر فلزية ورصاص وزئبق الموجودة فى الأدوات والمعدات الإلكترونية.

 

عزبة الكيلو، التابعة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا، كانت لدينا صورة ذهنية مغايرة عن تلك التى كشفتها لنا الجولة الميدانية بالعزبة، مصدرها كتاب الأيام، الذى حكى خلال صفحاته عميد الأدب العربى، تفاصيل نشأته فى تلك العزبة، التى كان لطبيعتها أثر فى تشكيل هويته الثقافية.

 وبالرغم من إقرار طه حسين بحقيقة الفقر المدقع المنتشر بعزبة الكيلو، إلا أن مظاهر الفقر تلك لم تخل من مسحة جمالية، تثير خيال كل من لم ير الريف المصرى بطبيعته الكلاسيكية، إلا من خلال أفلام الخمسينيات من القرن كل ذلك بما حفلت به الأيام من لهو طفولي للطفل متحدي الإعاقة، الذى كان يتعرف على العالم من خلال الأصوات، كصوت الشاعر العزب، وصياح الديكة، «المبشرة بالصباح»، ولهوه بالاس تماع إلى الأحاديث والقصص الشعبية، وشعر «الهلاليين والزناتى خليفة والأدعية والأناشيد الصفوية».

 

الواقع كان مغايرا لكل تلك التصورات، فالعزبة، التى كانت تفصلها عن مركز مغاغة طرق غير ممهدة، خلال سنوات طفولة عميد الأدب العربى، باتت أقرب للكتلة السكانية، بفعل الزحام، وامتداد العمران، والتعدى المستمر على الأراضى الزراعية، أما سكان العزبة، فتحولوا من حرفة الزراعة، إلى حرف البناءين والبياعين وعمال اليومية، فى حين صبغت العشوائية، المشهد العام للعزبة.

 

فى قرية «بنى شعراوى»، الصيادون هجروا قواربهم وعملوا فى المحاجر، اختفاء شرطة المسطحات دفع 70% منهم لترك مهنتهم الأولى، بدأ «عمر» المقيم فى قرية «بنى شعراوى» التابعة لمركز «أبو قرقاص» جنوب مدينة المنيا، يخرج فى قوارب الصيد مع أهالى القرية بحثاً عن الرزق وقت الإجازات من الدراسة أو حسب احتياج السوق إليه، مقابل يومية من 10 إلى 20 جنيهاً، تكفل مصاريفه الدراسية ونفقاته اليومية.

القوارب كانت تملأ أرجاء نهر النيل، الذى تطل عليه القرية المعروفة بـ«قرية الصيادين» نظراً لعمل جميع سكانها فى الصيد، وتتشارك كل أسرتين أو ثلاث فى قارب، يتولى الكبار الصيد بينما يقوم الصغار بالتجديف، «العصر الذهبى» كما يقول الصيادون، سرعان ما تدهور الحال وباتت مهنة الصيد ولا تسمن ولا تغنى من جوع، ترك أغلبهم قواربه ليتجه إلى أعلى الجبل على الضفة الشرقية من النيل، البعض باعوا قواربهم، أو تنازلوا عن الرخصة، بينما أوقف آخرون قواربهم على جانب النيل أملا فى تحسن أوضاع الصيد من جديد وحل المشكلات والخروج من جحيم الجبل إلى جنتهم فى وسط النهر.

 

الصيد الجائر دون تفعيل الرقابة لشرطة المسطحات المائية هو سبب تدهور حال الصيادين فى القرى التى تعتمد على مهنة الصيد فى المنيا، وفقا لـ«سيد» الذى يقول، «مع ارتفاع أعداد السكان فى القرى وعدم وجود أى فرص عمل أمام أهلها إلا المهن المعتادة، بدأت تزداد أعداد الصيادين بقوارب غير مرخصة، وارتفع معدل الصيد الجائر الذى يعتمد على اصطياد الزريعة «السمك الصغير»، مضيفا، «بيستخدموا الكهرباء أو السم أو الشبك الصغير، وهو ما أدى إلى انخفاض معدل الأسماك فى النهر وعدم القدرة على التكاثر، وانقراض أنواع كثيرة من السمك ولم يعد أمامنا سوى البلطى».

 سوء أوضاع الصيادين انعكس على حال القرية التى باتت فى فقر مدقع، فالحال هنا كان مثل باقى قرى المحافظة، حيث يتكاتف مواطنو القرية بعيدا عن أى وجود للدولة فيما عدا الوحدة الصحية الخاصة بالقرية والمدرسة.

 

يقول أهالى قرى شرق النيل، «إحنا بنموت بالبطىء.. القرى بلا صرف صحى.. والمستشفيات لا يوجد بها أطباء، وأوضاع العمالة فى المحاجر خارج «دائرة القانون»، الوصول إلى قرية «الديابية» يستلزم ركوب المعديات أو «العوامات» كما يطلق عليها أهل القرية، وعلى الرغم من أن 13 قرية تقع على الجانب الشرقى من النيل فلا يوجد ولو كوبرى واحد يربطها بالجانب الغربى، وتبقى مدة الانتظار فى المعدية أمرا يعتمد على القدر، حسب الأعداد المقبلة على الانتقال إلى الضفة الأخرى.

 

 وتعد المنيا من المحافظات الصناعية في مصر، حيث يوجد بها مصانع أسمنت أبيض وأسود في سمالوط ومحاجر الحديد والصلب ومحاجر الرمال ومحاجر الرخام ومحاجر الحجر الجيري ومحطات تعبئة الغاز الطبيعي ومصانع المياه الغازية بمركز سمالوط ومصانع الزيوت ومحالج الاقطان ومحطات تعبئة الغاز الطبيعي ومصانع المياه الغازية بمركز المنيا ومصانع السكر بمركز أبو قرقاص ومصانع البلاط والطوب الرملي بمركز مغاغة.

 

 

السياحة

تعتبر محافظة المنيا متحفاً وسجلاً قديماً لعصور تاريخية مرت على مصر إذ تعتبر سجلاً وافياً للآثار الفرعونية والرومانية واليونانية والقبطية والإسلامية، من أهم الآثار في المحافظة مسجد اللمطى مسجد العمروي ومسجد المصري ومسجد الفولي وزاوية سلطان وطهنا الجبل وإسطبل عنتر ومسجد المئذنة المائلة، ويوجد بها معبد للملكة حتشبسوت تل العمارنة، تم بواسطه باسم صلاح إبراهيم مترى وبوجد العديد من الأديرة المسيحية، مثل دير السيدة العذراء بجبل الطير وكنيسة العائلة المقدسة بملوى وكنيسه أبونا عبد المسيح المناهرى ودير الانبا صموئيل ودير القديس أبو فانا بملوى واثار انصنا والاشمونين.

 

 وعن مواقعها الأثرية الفريدة الممتدة عبر ضفتها الشرقية، والتى تشهد على التاريخ المصرى الممتد، بدءًا من الحضارة «الفرعونية» إلى «اليونانية» و«الرومانية» و«القبطية» وصولا للآثار الإسلامية، بلا شك، تجد إنك أمام محافظة أثرية لا تقل عن الأقصر وأسوان، ويظل دير السيدة العذراء مزارا دائما يتجه إليه الزوار من كل أنحاء العالم، وهنا مقابر الآلاف من شهداء الفتح الإسلامى والعديد من الأضرحة والمقامات والمساجد الأثرية، فضلا عن «تل العمارنة» فى دير مواس.