تعرف على أسباب الإنتقال إلى طرق الزراعة المستدامة
تشكل الزراعة المستدامة إحدى أهم ممكنات استراتيجيات الأمن الغذائى الشامل لعديد من الدول اليوم وذلك سعيا منها للقضاء على الجوع وتعزيز أمنها الغذائى الوطني، والذى يأتى متوافقًا مع هدف توفير الحماية البيئية. وتركز هذه الممارسة على توفير إمدادات كافية من الأغذية للأفراد دون إضافة المزيد من الضغط على الموارد الطبيعية.
ويعد تطبيق أفضل الممارسات الزراعية التى تعزز الإنتاج الغذائى الصحى مع الأخذ فى الاعتبار الواجب البيئى أمرًا ضروريا لدعم حركة التنمية المستدامة العالمية. ومما لا شك فيه أن الجهود الرامية إلى تعزيز الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية يضمن حصول الجميع على حاجته من الغذاء ويضمن استمرار تلك الموارد للأجيال القادمة، حيث تعد هذه الموارد المحدودة أمرًا ضروريًا للبقاء على قيد الحياة. وتركز الزراعة المستدامة وفق أفضل النظم العالمية على ركائز التنمية المستدامة الثلاثة وهي: البعد البيئى والبعد الاجتماعى والبعد الاقتصادي، والجدير بالذكر بأن نظام العلامة الزراعية المستدامة الإماراتية يأخذ بعين الاعتبار كل هذه الركائز، كما يركز على نهج إدارة العلاقة بين المياه والطاقة والغذاء بحيث يتم توظيف الموارد المتجددة لدعم إنتاج الغذاء.
وفى ظل هذا المنعطف تأتى أهمية الابتكار والتكنولوجيا الزراعية المتقدمة وبناء القدرات البشرية فى تطوير القطاع الزراعي. ووفقًا لمقال نشر على الإنترنت على موقع «ناشيونال جيوغرافيك» فإن الزراعة المستدامة تتضمن: «ممارسات زراعية تحاكى العمليات الإيكولوجية الطبيعية». ولتنفيذ ذلك يتطلب الأمر توظيف الأدوات اللازمة لزراعة الطعام بطريقة طبيعية وصحية.
ولقد شهدنا مؤخرًا ظهور التكنولوجيا الزراعية (AgTech) مثل: الزراعة الرأسية، وعلوم البيانات وتطبيقات إنترنت الأشياء لخدمة الزراعة، والطائرات الزراعية بدون طيار، والهندسة الجينية، ونظم الزراعة المغلقة. وعلى مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يتم استيراد ٩٠٪ من الأغذية، تكتسب هذه التكنولوجيا AgTech قوة فى ضوء الجهود التى تبذلها الدولة لإنتاج المحاصيل المزروعة محليًا على الرغم من التحديات التى تواجهنا مثل: ندرة الموارد المائية والأراضى الصالحة للزراعة. حيث تساهم هذه التكنولوجيا فى إنتاج أغذية صحية ذات قيمة غذائية عالية وتكون خالية من بقايا المبيدات الحشرية والكيماويات مما يرفع من مستوى جودتها وسلامتها الغذائية.
ولتحقيق رؤية وأهداف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائى التى تم إطلاقها عام ٢٠١٨، نعمل على عدة مرتكزات لتعزيز تكنولوجيا الزراعة وتعزيز سبل إنتاج الغذاء بشكل مستدام فى دولة الإمارات. ومن هنا عملنا فى مكتب الأمن الغذائى مع فريق المسرعات الحكومية وأكثر من (٥٠) جهة حكومية اتحادية ومحلية وممثلين من القطاع الخاص على برنامج «تسريع تبنى التكنولوجيا الزراعية الحديثة»، والذى حقق عددا من النتائج أهمها، تطوير دليل موحد لمواصفات ومعايير البناء المخصص لمنشآت الزراعة الحديثة، وإطلاق رخصة الزراعة الحديثة الموحدة المبنية على الأنشطة، وتطوير تشريعات لتنمية قطاع الاستزراع السمكي، بالإضافة إلى إطلاق العلامة الوطنية للزراعة المستدامة الأولى من نوعها المتوافقة مع أطر تقييم الزراعة المستدامة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.
بجانب ذلك كان لنا توجهنا العالمى لتعزيز أمننا الغذائى من خلال إطلاق مسابقة «تحدى تكنولوجيا الغذاء» مؤخرًا. حيث تدعو المسابقة رواد الأعمال والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم لإيجاد حلول ممكنة تكنولوجيًا لتحديات الزراعة وإنتاج الغذاء وإدارته فى دولة الإمارات. سيتم تكريم أربعة فرق فائزة وسوف يتقاسمون جائزة قدرها مليون دولار أمريكى خلال أبريل القادم لتمكنهم من تحويل أفكارهم إلى مشاريع غذائية على أرض دولة الإمارات.
وفيما يتعلق بتنمية القدرات البشرية أطلقت الإمارات العربية المتحدة برنامج (زراعي) ‹Ziraai› لتوفير التدريب اللازم، ودعم التسويق، وتقديم القروض المعفاة من الفوائد لمواطنيها المشاركين فى القطاع الزراعي. ويعد ما سبق مجرد أمثلة على برامج حكومة دولة الإمارات المتعلقة بالزراعة المستدامة. فعبر دول مجلس التعاون الخليجى تشارك العديد من الدول الأعضاء فى مبادرات مماثلة كجزء لا يتجزأ من برامج الأمن الغذائي.
وتحقق الزراعة المستدامة تقدمًا سريعًا فى جميع أنحاء العالم، حيث يواصل عدد متزايد من الدول تبنى هذا النهج الاستراتيجى فى الزراعة. وبالتالى يجب أن نرحب بالطرق الجديدة ونجد باستمرار طرقًا لتوفير الغذاء لمجتمعاتنا المتنامية باستمرار.