كل ما ترغب في معرفته عن ”الفيروس النباتي”
أكثر ما قد يصيب المزارع بالقلق هو إصابة محصوله بالفيروس، وما يعنيه من إنهاء مبكر للموسم وخسائر كبيرة، وللأسف تمثل فرصة لبعض الشركات أو الأفراد لترويج بعض المركبات لعلاج الفيروس.
من جهته، أكد الدكتور محمد علي فهيم، أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية، أنه لا توجد مواد كيماوية حتى الآن يمكن استخدامها كمبيدات فيروسية لمقاومة أمراض النبات الفيروسية، موضحًا أن الفيروسات عبارة عن أجسام حية ودقيقة لا تُرى إلا بالميكروسكوب الإلكترونى، وتعد من المسببات المرضية الإجبارية لكثير من النباتات، ويصعب الشفاء من الأمراض الفيروسية التي تصيب النبات خاصة إذا انتشر الفيروس في أنسجته مسببًا إصابة عامة.
الأمراض الفيروسية
وأضاف أن الفيروسات تتضاعف ذاتيًا داخل الخلايا النباتية وتسبب خلل انزيمي وبروتيني فى الخلية؛ كل ذلك يؤثر فى العمليات الحيوية داخل النبات، وبدلًا من أن تتكون البروتينات الخلوية السليمة والتى تدخل فى تكوين النبات، تتكون بروتينات شاذة ومرضية هى ما يطلق عليها بــ(الفيروسات) فتتكون الفيروسات ومجاميعها وتتكاثر داخل الخلية وتحضن مسببة الأمراض الفيروسية داخل النسيج النباتى، ومن ثم ظهور أعراضها على النبات، ثم تنطلق إلى نبات آخر .
وأشار "فهيم" إلى أن الفيروسات تنتقل من النباتات المصابة إلى النباتات السليمة من خلال عدة طرق منها: الانتقال الميكانيكى، والحشرات، والفطريات، والبكتيريا، والنيماتودا، وكذلك أيضًا من خلال التربة ومياه الري والحشائش وحركة الجذور وتشابكها والتطعيم والتكاثر الخضرى فى النباتات (الشتلات).
أعراض الفيروس
وذكر "فهيم" أن أعراض الفيروس لا تظهر إلا إذا وصل تعداد جزئيات الفيروس داخل الخلايا لحد معين، وتشمل أعراض داخلية تنشأ داخل الأنسجة النباتية وتغير لونها تقريبًا إلى اللون البنى أو الأسود وتكوين أورام تظهر فى اللحاء وتدمر البلاستيدات وموت الخلايا، وهى أعراض متقدمة؛ حيث تظهر هذه الأعراض بعد تحضير وتحضين الفيروس داخل النسيج النباتى، فعلى سبيل المثال تصل فترة التحضين إلى 40 يوم فى الخضار تقريبا؛ وقد تصل إلى أكثر من 4- 8 سنوات دون أن يتعرف على هذه الأعراض أحد فى الموالح؛ وبعدها تظهر الأعراض الخارجية وتتمثل في ضعف عام وتشوه فى الأوراق بالإصفرار والتجعيد والالتفاف وتكوين أوراق ابرية والتبرقش ونقاط بنية واصفرار عام وتورم العروق الوسطى وضعف التزهير وتشوه بالثمار وقلتها، مع تقزم عام بالنباتات أو الأشجار المصابة تموت بعدها .
ومن أهم الأمراض الفيروسية، فيروس التجعد الأصفر فى الطماطم، وفيروسات البطاطس، وفيروس إصفرار الخوخ، وفيروس تبرقش التبغ، وفيروس تجعد قمة بنجر السكر، وفيروس تبرقش الفول والبسلة والفاصوليا، وفيروس تريستيزا الحمضيات، وفيروس تورد القمة فى الموز.
الإصابة الفيروسية
وأوضح "فهيم" أنه ينشأ عن دخول الفيروسات إلى الأنسجة النباتية وتضاعفها داخل هذه الأنسجة نوعان من الإصابات، أولهما الإصابة المحلية أو الموضعية، حيث يصيب الفيروس مجموعة محدودة من الخلايا، وتظهر الإصابة في مساحات محدودة، ولا ينتشر الفيروس في النبات ويبقى انتشاره محدودًا في موضع الإصابة، والنوع الثاني هو الإصابة العامة أو الجهازية أو الكيانية، وفي هذا النوع من الإصابة ينتشر الفيروس في أنسجة وأعضاء النبات المختلفة، وتظهر الأعراض المرضية منتشرة على أجزاء مختلفة من النبات.
ولفت "فهيم" إلى أن إصابة النبات بالفيروسات لا تحدث إلا عند حدوث الجروح في النبات، ويمكن للفيروس أن يصل إلى المادة الحية للخلية ثم يبدأ نشاطه بالتضاعف، ولا تمتلك الفيروسات القدرة على اختراق الجدر السيليلوزية للخلايا، مضيفًا أن الجروح تحدث نتيجة لأضرار ميكانيكية متعددة أو نتيجة لتغذية الحشرات أو الإصابة بالنباتات المتطفلة باستثناء انتقال الفيروسات النباتية عن طريق البذور لبعض المحاصيل أو عن طريق الحبوب اللقاح، وتعتبر الجروح أساسًا لحدوث إصابة النبات بالفيروسات، وعند دخول الفيروس إلى خلايا العائل واستقراره داخلها تنشأ الأعراض الفيروسية نتيجة لتفاعل الفيروس مع خلايا العائل.
عوامل مساعدة
وأفاد "فهيم" بأن الظروف البيئية التي تنمو تحتها النباتات تؤثر على مظاهر الإصابة الخارجية، فمثلًا تؤثر الحرارة تأثيرًا واضحًا على المظاهر الخارجية للإصابة، فنجد أن أعراض التبرقش (الموزيك) تشتد خاصة في أشهر الشتاء عنها في أشهر الصيف، كما في حالة الإصابة بفيروس TMV، كما أن أعراض إصابة نباتات البطاطس بفيروس X الذي يسبب تبرقشًا خفيفًا على الأوراق تختفي تمامًا عندما ترتفع درجات الحرارة إلى 27°م بينما تظهر بوضوح عند 16°م.
وهناك عوامل تسبب خفض الإصابة الأولية مثل المعاملات الحرارية أو الكهروحيوية، بالإضافة إلى استخدام مزارع الأنسجة المرستيمية الطرفية وهي أعلى جزء فى قمة النبات وغالبًا لا يصل إليها الفيروس لأنها سريعة النمو.
وأضاف أن أعراض الإصابة الفيروسية تظهر نتيجة علاقات عدة عوامل مع بعضها، منها على سبيل المثال لا الحصر علاقة التسميد بالظروف البيئية وعلاقتهما معًا أو بإنفراد بالعمليات الحيوية فى وقت ما؛ حيث قد تكون الظروف البيئية غير مناسبة من ارتفاع أو انخفاض لدرجة الحرارة أثناء إجراء عملية التسميد والتغذية للنبات.
مركبات علاجية
وأكد "فهيم" أن النبات قد يصاب بالفيروس وتظهر بعض الأعراض، وبسبب زيادة أو تسريع فى نمو النبات (لأى سبب) يحدث أن النمو يكون أسرع من انتقال الفيروس بين الخلايا والأنسجة أو أسرع من أن الفيروس يتضاعف وتزيد أعداده التي ستساعد على ظهور الأعراض، فيهرب النبات من ظهور الأعراض أو يتجاوزها، لكن فى الحقيقة ما زال الفيروس موجود داخل النبات ولم يختفى أو يموت، وهذا ما يمكن أن تسببه بعض المركبات (سريعة المفعول) فى النبات وتساعده على تجاوز سريع لحدوث الأعراض، والتي يطلق عليها مجازًا مركبات "علاج الفيروس" وهي فى الأصل ليس لها علاقة بجزيئات الفيروس، لذا فإن التغذية المتوازنة ونوعية العناصر والمركبات التي تجعل النمو مستقر وسريع تكون عامل هام إما فى الوقاية من أعراض الفيروس أو أحيانًا خفض حدة هذه الأعراض، أي يمكن أن تقلل من تركيز الفيروس، إلا أن النباتات المعاملة قد ترجع إلى حالتها الأصلية بعد نهاية المعاملة لأي سبب، ما يعني أن المعاملات أو المواد التي تعمل على زيادة تمثيل البروتين والأحماض النووية، وكذلك تعمل على زيادة الكلوروفيل في خلية العائل، تعمل أيضًا على تقليل الإصابة.
وأهم هذه المركبات هي كبريتات الزنك، وأخضر الملاكيت (كربونات النحاس المائية)، وبعض محفزات النمو "الطحالب + الأحماض الأمينية الحرة (الفولفيك، البرولين) + الفيتامينات + عالى الفسفور + عالى البوتاسيوم + عالي الكالسيوم + بعض العناصر الصغرى مثل البورون موليبيدنيوم".