أسباب الشراهة للطعام عند الأطفال والمراهقين” Binge Eating Syndrome”
تعاني بعض الأسر من إصابة أحد أبنائهم بشراهة شديدة لتناول الطعام أو " Binge Eating Syndrome".
ويكون الطفل أو المراهق مصاباً باضطراب الأكل بنهم إذا كان يعاني من نوبات متكررة من الإفراط في تناول كميات كبيرة من الطعام بسرعة كبيرة في فترات زمنية بسيطة بدون تحكم أو توقف حتى مع الشعور بالإمتلاء وعدم الارتياح، في أوقاتٍ لم يكن يشعر فيها بالجوع، مما يحمله على الشعور بالخجل والذنب والقلق والاكتئاب، الأمر الذي يدفعه إلى الأكل في الخفاء للهروب من عيون المحيطين.
وفي غياب الملاحظة والمراقبة الواعية من الآباء قد يصعب إكتشاف الأمر إلا بعد إصابة الإبن بأحد المشاكل الصحية المرتبطة بزيادة الوزن أو السمنة مثل؛ السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب أو الكوليسترول والدهون الضارة، أمراض الجهاز الهضمي، كحرقة المعدة وعسر الهضم والانتفاخ أو المشاكل النفسية مثل الاكتئاب والانعزال الذي ممكن أن يعرضه إلى الأفكار الانتحارية.
وقد لا يُعاني الأطفال والمراهقون المصابون بالشره للطعام بزيادة في الوزن أو البدانة، ولكن في الغالب تتأرجح أوزانهم بين الزيادة والنقصان، حيث يميل معظمهم لمراقبة الوزن بشكلٍ متكرر.
وهنا تجُدر الإشارة بضرورة استبعاد الشره المرضي العصبي أو(البوليميا) " Bulimia Nervosa"، وفيها يلجأ المصاب إلي التخلص من السعرات الزائدة بعد الإفراط في تناول الطعام بطرق غير صحية مما يعرض حياته للخطر، كالتقيؤ المتعمد، استخدام الملينات بكثرة أو مدرات البول أو اتباع أنظمة غذائية شديدة القسوة أو الإفراط في ممارسة الرياضة.
وهناك أسباب متعددة للإصابة بنهم الأكل عند الأطفال والمراهقين، بعضها غير معلوم إلى الآن، وتُعد الأسباب النفسية هي الأشهر.
فقد يلجأ المصاب إلى الطعام بحثاً عن الراحة من مشكلة تؤرقه في المنزل أو المدرسة أو من الشعور بالوحدة، الملل، التجاهل، أو عدم الأمان أو للهروب من صعوبةٍ يجدها في التعامل مع بعض الشخصيات أو المواد الدراسية أو رغبةً في التمرد على القواعد والروتين.
وفي كثيرٍ من الأحيان يمثل هذا الاضطراب رد فعل من الأبناء لضغط الآباء المصابين بالسمنة عليهم بحرمانهم من أنواعٍ كثيرة من الطعام خوفاً عليهم من زيادة الوزن، بل وقد يكون ذلك للأسف بسبب أنظمة غذائية قاسية تتسم بالحرمان، يلجأ لها بعض الأطباء لعلاج زيادة الوزن أو السمنة عند الأطفال والمراهقين متجاهلين متطلبات مرحلتهم العمرية، وخطورة ذلك على بناء أجسامهم وحالاتهم النفسية في فترةٍ لم يكتمل فيها نموهم بعد.
كما تمثل السلوكيات الغذائية للآباء عاملاً كبيراً في إحداث تلك المشكلة، وخاصة إذا كانوا يتبعون نظاماً غذائياً غني بالسكريات والدهون ، كالحلويات والخبز الأبيض والمعجنات والمشروبات الغازية والعصائر والمقرمشات، والتي يستخدمونها أيضاً كمكافآت لأبنائهم، تشجيعاً لهم لإفراغ كميات الطعام الكبيرة الموجودة في أطباقهم، والتي لا تتناسب معهم، مما يؤدي إلى زيادة أحجام معدتهم لتسع الكثير من الطعام بعد ذلك.
وعلى الصعيد الآخر قد يُقدم للأبناء طعاماً غير مشبع، يفتقر لكثير من مجموعات الطعام الهامة المشبعة، كالبروتين أو الدهون الصحية أو الألياف، أو يكون الطعام المقدم غير محبب لهم، فيأكلون منه القليل مما يشعرعم بالجوع بعد قليل.
ولا ننكر أيضاً وجود العوامل الوراثية، لما لوحظ من سريان اضطراب نهم الطعام في بعض الأسر.
وقد يكون الشره لتناول الطعام مؤشراً على مشكلة صحية خطيرة لابد من استبعادها بالفحوصات وخاصةً إذا ظهر فجأة، مثل السكري أو فرط في إفراز الغدة الدرقية أو توطُن الديدان الشريطية في الأمعاء، أو قد يكون أثراً جانبياً لبعض الأدوية مثل الكورتيزون وبعض مضادات الإكتئاب.
لذلك من المهم جداً أن نعرف أسباب المشكلة حتى نعرف طرق علاجها والتي سنعرضها في المقال المقبل إن شاء الله.
استشارية طب الأطفال والتغذيةالعلاجية.