قاعدة الخمس ثواني للقضاء على التسويف.
هل تسأل نفسك في نهاية كل يوم إذا كنت قد أنجزت كل مهامك؟
هل لاحظت بأنك تؤجل دائماً فعل أمرٍ ما أو عدة أمور لأسباب واهية؟ وما هو شعورك حيال ذلك؟
فكم من مهامٍ لم تُنْجز وكم من أحلامٍ قد دُفنت في القبور مع أصحابها.
إنه التسويف، الذي إذا أصبح مزمناً، فإنه يلتهم أجسادنا وعقولنا كما التهم أحلامنا، وذلك لأنه يجعل نفوسنا فريسةً للضغوط مما يسبب أمراضها، واعتلال النفس يهلك كامل الجسد.
فقد أشارت الأبحاث إلى زيادة فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في الأشخاص الذين اعتادوا التسويف عن غيرهم، فضلاً عن تعرضهم للإصابة بالسكري من النوع الثاني، الصداع والأرق وقلة النوم، بالإضافة إلى الشعور بعدم الرضا والضغوط والضيق الذي ينتهي بالاكتئاب.
وهناك نظريات كثيرة تفسر أسباب التسويف، منها ما ترجعه إلى سوء إدارة الوقت، سوء التخطيط، ضعف الإرادة، إلى أن جاءت "فيوشيا سيريس"، عالمة النفس من جامعة شيلد البريطانية، لتثبت خطأ تلك النظرية بناءً على بحثها في أسباب التسويف والذي استمر طيلة 15 عاماً لتقول أن الأمر يرتبط بعدم القدرة على التحكم في مشاعرنا وحسن إدارتها لا بكيفية إدارة الوقت.
فمن الممكن أن تكون المهمة التي تحاول تأجيلها تُمثل عبئاً ثقيلاً على نفسك، كونها مملة أو موترة أو شاقة، الأمر الذي يدفعك للهروب منها بفعل أمور أخرى أقل أهمية مثل تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لتتحرر من المشاعر السلبية المرتبطة بها بالفوز المؤقت بسعادة فورية دون مجهود.
وأحياناً يكون الخوف من الفشل هو دافعك أو الخوف من رأي مديرك أو المحيطين في أدائك لها.
وربما تكون ممن يعانون من فقدان الثقة بالنفس وعدم تقدير الذات، أو خيبة الأمل في حال عدم حصولك على المكافأة اللائقة مقابل هذه المهمة.
إذا فهي المشاعر وحدها من تتحكم في إقبالنا على فعل الشئ أو هروبنا منه.
والعجيب أننا كثيراً ما نشعر بالذنب والندم في حال إخفاقنا في إنهاء المهمة قبل موعدها المحدد مما يدفعنا إلى ضغط النفس وبذل الجهد على المكاره في اللحظات الأخيرة لإنجازها، وهو ما يجهد العقل والجسد.
لماذا إذاً نعاني ونتحمل تلك التبعات السلبية على جهازنا العصبي من جراء التسويف والتأجيل، ألم يكن بمقدورنا أن نحدد أهدافنا اليومية ونضع لها التقدير الزمني المناسب ونتجنب كل المشتتات ونحفز أنفسنا بالشعور بالراحة الذي سوف ننعم به بعد تحقيقها.
أعتقد أنها أفكار قد راودت الكثيرين منا كل مساء لتصبح أمنيات في الصباح.
ولعلني وجدت تفسيراً قد راق لي لميل روبنز" Mel Robbins" مدربة الحياة في الولايات المتحدة جاء في كتابها قاعدة الخمس ثواني " 5 Second Rules" للقضاء على التسويف.
تقول روبنز في كتابها؛ إذا رغبت القيام بفعل معين، عليك أن تتحرك في غضون 5 ثواني وإلا سيقتل عقلك الفكرة داخلك رفضاً للخروج من منطقة الراحة وهرباً من الإجهاد.
فهناك لحظات فارقة بين التفكير في فعل أمر ما أو رغبة في التغيير وبين التحرك للتنفيذ، ومدتها 5 ثواني، إذا لم تهم فيها بفعل حتى لو خطوات بسيطة فسوف يلاحقك عقلك بكم من الأعذار لإجهاض الفكرة، وهذا هو أساس التسويف.
لذلك تعطيك روبنز الحل، بالقاعدة السحرية البسيطة، فكل ما عليك فعله عندما تفكر في أمر يجب فعله أن تبدأ بالعد التنازلي " 5-4-3-2-1" وتنطلق مسرعاً نحو الهدف بأولى الخطوات، وبذلك تمنع عقلك من مقاومتك وتعطيلك.
وقد فسر علم الأعصاب السر في نجاح هذه القاعدة، وهو أن تحرك الجسد أثناء العد التنازلي ينشط قشرة الدماغ الأمامية المسؤولة عن وظائف المخ التنفيذية مثل السيطرة على الانفعالات والانتباه والتخطيط وتقليل المشتتات المحفزة من أجزاء أخرى من المخ، مما يزيد التركيز ويقاوم التسويف.
عليكم أن تجربوا هذه القاعدة، فهي أداة للتغيير والتحرر من التسويف والمماطلة، فقد جربتها ولاحظت أثرها الرائع في فعل أمورٍ روتينية ثقيلة يومية لم تعد تزعجني كالسابق.
استشارية طب الأطفال والتغذية العلاجية.