الأرض
الخميس 21 نوفمبر 2024 مـ 08:36 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

نبذة عن تاريخ المبيدات في العالم

المبيدات الحشرية بين الأضرار والوقاية..كيف تحمي نفسك

دائمًا ما يطور الإنسان طرقًا لمكافحة الآفات الحشرية التي تنافسه في الغذاء، ففي بداية الأمر ظهرت مجموعة المركبات اللاعضوية كـ«الزرنيخ، والمركبات ذات الأصل النباتي» مثل: «الروتينون – النيكوتين- البارثرين»، ومع حلول القرن الخالي استخدمت الغازات السامة مثل «سيانيد الهيدروجين» لتدخين الأشجار، وحينها ظهرت «الزيوت المعدنية القطرانية منها والبترولية»، ثم استخدمت في العشرينات من القرن الماضي مركبات الفينولات وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت المركبات الجديدة الصناعية كـ«الكلورية العضوية أو الفوسفورية العضوية»، وبدا للمهتمين في مكافحة الآفات أن هذه المبيدات قد حققت انتصارًا كبيرًا وأعطت الحلول الشافية لعملية القضاء على الآفات والحشرات.

وللأسف الشديد، الاستخدام المتكرر وغير الصحيح لهذه المبيدات كشف عن عدة مشاكل لم تكن بالحسبان؛ لأن المبيد المستخدم في هذه المرحلة كان ذو طيف واسع وسمية شديدة بالنسبة إلى عدد كبير من الأنواع الحشرية مما أدى إلى قتل الطفيليات والمفترسات "الأعداء الحيوية"، وإضعاف دورها في عملية المكافحة الطبيعية وإحداث خلل خطير في التوازن البيئي.

وكما أنه يلحق الضرر الصحي الكبير للكائنات الغير مستهدفة كالحيوانات الأليفة والطيور والنحل والإنسان.

وهذا الاستخدام غير الصحيح تسبب في ظهور صفة المقاومة للمبيدات من قبل الآفات الحشرية كما أدت إلى سيادة آفات جديدة لم تكن موجودة من ذي قبل.

فأصبحت المبيدات لم تعد تعط النتائج المرجوة بل أصبحت -أحيانًا- تعطي نتيجة عكسية خاصة عند ظهور صفة مقاومة المبيد في سلوك الآفة، إذ أن المبيد في هذه الحالة يقضي على المفترسات والمتطفلات "الأعداء الحيوية" المفيدة ويبقي على الأفراد المقاومة من الآفة، فإن المبيد في هذه الحالة يساعد في زيادة أعداد الآفة وليس نقصها .

وكل تلك الأمور أدت إلى التفكير لاستنباط طرق جديدة للمكافحة بل الاعتماد على أساليب متعددة يخدم بعضها البعض بصورة متكاملة وهذا ما يسمى الآن بالمكافحة المتكاملة للآفة أو إدارة الآفة المتكاملة.

وخلال السطور الآتية تستعرض «الأرض»، أضرار المبيدات الحشرية.. وأفضل الطرق البديلة المستخدمة لمكافحتها:

• الأضرار المباشرة والغير مباشرة للمبيدات الحشرية:

- أولاً: أضرار على صحة الإنسان:

تتمثل هذه الأضرار إما بشكل مباشر وذلك بوصول المبيد الحشري أو أجزاء منه عن طريق اللمس أو الاستنشاق أو عن طريق الفم أو العين وذلك في الأماكن القريبة من أماكن استخدام المبيد.

أو بطرق غير مباشرة عن طريق استهلاك المواد الغذائية والماء والهواء الملوثة بآثار المبيدات

- وفيما يلي نوجز بعض منها:

1. الاستنشاق:

يدخل إلى جسم الإنسان جزيئات المبيد الحشري على شكل غازات يحملها الهواء وذلك عن طريق التنفس ويختلف تأثير تلك الغازات الضارة بحسب تركيبها الكيميائي فنلاحظ بأن الغازات التي تذوب في الماء فإنها تذوب في السائل المخاطي المبطن للجزء العلوي في الجهاز التنفسي؛ مما يؤدى إلى الإصابة بالتهابات حادة .والغازات التي لا تذوب في الماء تسبب التهابات في الرئة ثم إرتشاح ثم التليف في المرحلة النهائية.

أما الغازات التي تذوب في الدهون فإنها تمر من خلال الرئة وتصل إلى الأعضاء التي توجد بها من خلال مجرى الدم مسببة العديد من الأمراض الحادة للكلية والكبد .و إن ما يصل عن طريق بلع أبخرة وغازات المبيد إلى الجهاز الهضمي في البلغم فإنه يسبب مرض الدرن.

2. عن طريق الجلد والجهاز الهضمي:

تخترق المبيدات السامة الجلد عند ملامستها له أو تدخل إلى الجهاز الهضمي عن طريق الخضار والفواكه الملوثة التي تحمل الآثار المتبقية من هذه السموم ومن ثم تصل إلى الدم وإلى أعضاء الجسم وتستقر فيها وتسبب له العديد من الأمراض الخطيرة ومنها: (أمراض الكبد والفشل الكلوي والسرطانات).

وتشير نتائج البحوث العلمية، إلى أن الأثر المتبقي لتلك المبيدات يؤدى إلى ضعف الحالة الجنسية، ويسبب في النهاية العقم، وبالنسبة إلى المرأة الحامل فإن هذه السموم تنتقل من الدم إلى مشيمة الأم ومن ثم إلى جنينها وتسبب تشوهات خطيرة للجنين.

وتوضح الإحصائيات على مستوى العالم أنه في عام 1992م تسببت المبيدات في حالات التسمم لما يقرب من 25 مليون شخص في الدول النامية، يموت منهم ما يقرب 20 ألف شخص سنويا.

- ثانيًا: أضرار المبيدات على المياه

تصل المبيدات الحشرية إلى المياه من خلال عدة طرق ووسائل عديدة منها مكافحة ورش الحشرات المائية الضارة التي تعيش بالماء، بالإضافة إلى وصولها عن طريق ذوبان متبقيات المبيدات المتواجدة في التربة الزراعية بواسطة مياه الأمطار والري إلى جانب صرف مخلفات مصانع المبيدات في المصارف والأودية والأنهار، بالإضافة إلى أن الهواء والمطر المحمل برزاز المبيدات يعتبران من المصادر المهمة في تلويث الماء، وإن أغلب المبيدات الحشرية لا تتحلل بسهولة وتبقى لفترة زمنية طويلة في الماء فتقضي على العديد من الكائنات الحية المفيدة وتتراكم في أجسام الأسماك والحيوانات النهرية و البحرية، وخاصة في موادها الدهنية ويزداد على مر السنين تركيز هذه المواد في أجسامها ومن ثم تصل إلى الإنسان عن طريق استهلاكه لها ملحقة به العديد من الأضرار الصحية.

ثالثًا: أضرار المبيدات على التربة والبيئة:

تعتبر المبيدات الحشرية من أخطر ملوثات البيئة و التربة، ويؤدي الاستخدام المتكرر لهذه المبيدات في النهاية إلى تدمير خصوبتها وتلوثها وتسممها الحاد بالمبيدات، وعلى قتل العديد من الكائنات الحية النافعة بها وتدمير التنوع الحيوي الذي يشمل كافة أشكال الكائنات الحية، وإن أغلب المبيدات وخاصة مجموعة الكربيات تتحول في التربة إلى مركبات (النيتروزأمين) التي تعد من المواد المسرطنة والتي تمتص من قبل النباتات وعند تغذية الحيوان أو الإنسان على تلك النباتات فإن النتيجة هي انتقالها لهما.

• البدائل الصحية لمكافحة الآفات والحشرات:

عند تبنينا إستراتيجية متكاملة تشمل المبيدات والطرق والقوانين التي تتضمن القضاء على الآفات والحشرات دون أن يكون لها أية آثار سلبية أوضاره على صحة الإنسان والبيئة وأشكال الحياة وهذا ما يطلق علية الآن بالمكافحة المتكاملة.

- المكافحة المتكاملة:

استراتيجية لمكافحة الحشرات والآفات مبنية على البيئة، حيث تعتمد على عوامل الموت الطبيعية بواسطة الأعداء الحيوية وعوامل المناخ غير الملائمة وتستخدم المبيدات العضوية الطبيعية المصدر والمكافحة الكيماوية فقط عندما تدعو الحاجة الماسة إليها ومن خلال دراسة الكثافة العددية للآفة وعوامل الموت الطبيعية مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات المتداخلة بين المحصول المراد حمايته وبين العمليات الزراعية وعوامل المناخ والآفات الأخرى.

• أساليب المكافحة المتكاملة:

1- الطرق الزراعية:

وذلك باستخدام الأصناف المقاومة من البذور الزراعية والأشجار، وإتلاف بقايا المحاصيل ونواتج التقليم للأشجار والثمار المصابة للتخلص من الحشرات ، والقيام بكافة العمليات الزراعية بشكل علمي مدروس من عمليات: «الفلاحة ومواعيد الزراعة، والتقليم، والتسميد، والنظافة العامة، وإدارة المياه بالشكل الأمثل».

2- الطرق الفيزيائية:

وذلك باستخدام مصائد الحشرات (اللاصقة أو الفرمونية) وكذلك بالتغيير بدرجات الحرارة أو البرودة أو الرطوبة وذلك في البيوت البلاستيكية والمخازن) في القضاء على الحشرات.

3- استخدام المبيدات العضوية الطبيعية المصدر:

مثل: «المستخلصات، والزيوت النباتية الخاصة، ومحاليل الفلزات المعدنية» والتي ليس لها أي أضرار على صحة الإنسان والبيئة.

4- الطرق الحيوية:

وذلك بتفعيل وإستخدام المكافحة الحيوية وتنشيط وحماية الأعداء الحيوية المحلية التي تتغذى على الحشرات والآفات الضارة.

5- الطرق الكيميائية:

وتشمل إعاقة تكاثر ونمو الحشرات وذلك عن طريق استخدام «الجاذبات، والطاردات، والمعقمات الكيماوية، مانعات النمو».

6- الطرق الوراثية:

وتسمى بأسلوب المكافحة الذاتية أو الوراثية (انعدام النسل للحشرات)، وتشمل تربية وإطلاق الذكور العقيمة ذات الشروط الوراثية الخاصة أو تلك غير القادرة على التوافق الوراثي بأشكال مختلفة، أي إكثار العوامل المميتة التي تنتج عن تزاوج فردين من نفس النوع.

7- الطرق التشريعية:

تتضمن عدة أمور في غاية الأهمية وهي:

- منع استيراد المبيدات العالية السمية والمحرمة دوليا.

- تفعيل مراكز الحجر الزراعي للنباتات لمنع إدخال المزروعات المصابة أو الملوثة.

- تفعيل برامج استئصال آفات معينة بمنع إرسال غراس أو مواد زراعية في نفس البلد من منطقة موبوءة إلى مناطق أخرى سليمة.

- برامج توعية وإرشاد عن طرق إستخدام الأدوية والمبيدات الحشرية ومواعيد الرش ومواعيد القطاف.

- برامج توعية وإرشاد لإستخدام المبيدات العضوية الطبيعية المصدر بديلا عن المبيدات الكيميائية.

موضوعات متعلقة