أرز ودجاج .. طبخة الحرب على أوكرانيا
صحيح أن مصر تستورد نحو 25٪ من إجمالي صادرات الذرة الصفراء من أوكرانيا، ولذلك لا عجب في أن يزيد سعر طن الذرة 2000 جنيه، لكن النكتة "غير المضحكة" هي في الربط بين ارتفاع أسعار الأرز والحرب على أوكرانيا.
نائب رئيس شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، كان بطل الربط العجيب بين ارتفاع أسعار الأرز، والحرب الروسية، حيث أن أوكرانيا أو روسيا تستوردانه لشعبيهما.
وللعلم، فالصين الأكبر إنتاجا للأرز في العالم بنحو 149 مليون طن، تستورد نحو 5.5 مليون طن من الأرز، أي ما يقرب من إجمالي إنتاج مصر. كما أن إندونيسيا التي تأتي ثالثا في الإنتاج العالمي بعد الهند، بنحو 37 مليون طن، تستورد أيضا لشعبها نحو 2.1 مليون طن، أي بما يساوي إجمالي الفائض المصري من الأرز سنويا، ومعنى ذلك أن روسيا وأوكرانيا يستوردان الأرز من الهند والولايات المتحدة (أرز كاليفورنيا - مصري الأصل).
وفي تفسير منطقي لمًا حدث من ارتفاع أسعار الأرز المصري في كل صوره (الحبة القياسية، والكسر، والرجيع)، فإن ارتفاع أسعار الشحن العالمية، ومخاوف معظم الدول من تبعات الحرب على أوكرانيا، قد جمّد عجلات حركة الصادرات في معظم موانئ العالم، لتثبت الأزمة ما نفاه سابقا وزير التموين بخصوص استيراد مصر أرزا من الهند، على الرغم من أن الفلاحين المصريين يخزنونه منذ نحو 3 مواسم، منعت فيها الدولة تصديره، كعقوبة رادعة لمخالفات زراعته.
ومع تبرئة الأرز من الشراهة في استهلاك المياه، بعد نجاح البحوث الزراعية في استنباط أصناف قصيرة العمر، تعيش على أرض جافة مثل القمح والذرة، لاتزال زراعته مقيدة، على الرغم من اقتصادياته الكفيلة بإخراج الفلاحين من دائرة الخسائر المحصولية الصيفية، ومع إمكانية إدخال مخلفاته (القش والسرسة) في صناعة الأعلاف، بعد معالجتها من السليكا الضارة بأحشاء الماشية والدواجن.
الارتفاع غير المتوقع لأسعار الذرة، تسبب في أزمة اقتصادية عالمية، ومصرية بدرجة شديدة الوجع، حيث قفز سعر طن علف الدواجن إلى 10 آلاف جنيه، ليكون نصيب الدجاجة التي تزن نحو 2 كجم نحو 4 كجم من العلف، أي بسعر نحو 40 جنيها لهذا البند فقط، إضافة إلى 15 جنيها سعر الكتكوت، ونحو 8 جنيهات كتكلفة للتحصينات والأدوية البيطرية، ناهيك عن تكاليف أخرى مثل: العمالة، وإيجار العنبر، والفرشة، وطاقة التدفئة والتهوية والإضاءة، ثم مياه الشرب وغيرها، والتي تصل بتكلفة إجمالية لكيلو الدواجن حاليا إلى أكثر من 30 جنيها للمربي.
لذلك، تشير التوقعات إلى أن ارتفاع أسعار المدخلات المستوردة لصناعة الأعلاف، ووقف استيراد الأرز الهندي، قد يكون تسبب في رفع الطلب على الأرز المحلي ومخلفاته، لإدخالهما منظومة أعلاف الماشية والدواجن، حيث لا يزال الأقل تكلفة قياسا بأسعار الأعلاف المصنوعة، وبالتالي تستمر المنظومة بدلا من انهيار ماكينة إنتاج الغذاء البروتيني في مصر.
نهاية: منذ ما يزيد على 10 أعوام، وقيادات الزراعة المصرية تتحدث عن خطط طموحة لزيادة مساحات الذرة، ورفع إنتاجيتها الرأسية، ومع ذلك لم نجد مزارعا مصريا يقبل على زراعته راغبا، بل مرغما وتحت تهديد "غرامات الأرز" من وزارتي الزراعة والري، وكل ذلك يرجع إلى الإصرار على مساواة سعر الذرة المحلية الطازجة، بالذرة الواردة من كنسة مخازن روسيا، وأوكرانيا، والبرازيل، فهل نأخذ بدرس الأزمات لنؤمن بصنع أيدينا ولنحقق شعار "تحيا مصر"؟