رئيس العربي للمياه يطالب بإنشاء صندوق ”الأضرار والخسائر” في افريقيا لمواجهة التغيرات المناخية
قال الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه خلال كلمته بمنتدى البيئة والتنمية 2022
إن العالم يعيش خلال الحقبة الحالية مشاهد انسانية تجمع متناقضات متزامنة بين موجات جفاف طويلة قاسية وعواصف أمطار وسيول وفيضانات عاتية، ومشاهد تستحق البحث فى اسبابها العلمية والتدبر فى مغزاها العميق بأهمية إحياء قيم ومبادئ المصير الإنسانى المشترك لاستعادة روح التعاون الدولى فى مواجهة الكوارث والأزمات التى أصابت على السواء وبنفس القدر الدول الغنية والصاعدة والفقيرة.
اضاف في كلمته بالمؤتمر الذي عقد بعنوان الطريق الى مؤتمر الأطراف المعنى بالمناخ بشرم الشيخ “COP 27” إن مغزى المشاهد التى يعيشها العالم اليوم يؤكد أن الماء هو العنصر الحيوى الحاكم للحياة والبقاء والتنمية المستدامة الذى لم نحسن استثماره بحكمة ورشد بعد، مما أسفر عن اختلال الاتزان الطبيعى للدورة المائية وهى مصدر المياه المتجدد لكوكب الارض كما أشار تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الصادر فى 2021 والعديد من الدراسات والأبحاث العلمية التى تشير الى تغيرات إقليمية زمنية ومكانية واسعة النطاق في " الدورة المائية الطبيعية" بأكثر من نصف مساحة كوكب الأرض مع تصاعد ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات البخرنتح وتناقص معدلات هطول الأمطار، مما أسفرعما نعاصره حالياً من موجات جفاف طويلة فى القرن الأفريقى وأوروبا وأمريكا والصين بشكل أصاب مجاريها المائية بالجفاف مما انعكس سلبياً على احتياجات النقل النهرى ومياه الشرب والزراعة والطاقة، بينما نتابع ايضاً مشاهد عكسية فى بلدان ضربتها سيول وفيضانات عنيفة بالسودان واليمن والإمارات والسعودية وباكستان وغيرها.
تابع قائلا: «استأذنكم للتوقف هنا قليلاً لأتقدم بأسمكم جميعاً بخالص المشاركة والمواساه لأسر الملايين من "ضحايا الكوارث البيئية" كشهداء الجفاف والسيول فى كافة أرجاء العالم وبالأخص فى الدول النامية والفقيرة التى افتقدت العون والإغاثه الكافية فى ظل العجز المالى الذى أصاب الموازنات المخصصة لمواجهة الأزمات والكوارث بالهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى وفى ظل غياب قانون دولى تتبناه مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان لتعويض " ضحايا البيئه والتغيرات المناخية."
أوضح أن أسباب الاختلال الذى أصاب التوازن الطبيعى للدورة المائية هى ذاتها الناشئة عن الأنشطه البشرية المسببة للتغيرات المناخية كحرائق الغابات وازالتها واتساع التصحر وتدهور التنوع الحيوى والتلوث الجوى والتوسع الحضرى المتصاعد بالمدن على حساب التنمية الريفية وإعاقة التدفقات الطبيعية لمياه الأنهار والبحيرات والأمطار بالمبالغة فى إنشاء السدود التى يتوقع أن تحدث تغييراً فى التدفقات الطبيعية لحوالى 93٪ من أنهار العالم بحلول عام 2030، مما قد يشعل نزاعات إقليمية ويتسبب فى مخاطر إضافية فى الإدارة المستدامة لمسطحات المياه السطحية والجوفية العابرة للحدود فى غياب رؤية حكيمة تستبدل سلوك "أنانيه استحواذ المياه" بمفهوم "اقتسام المنافع " بالتعاون المشترك.
ودعا في نهاية كلمته بتعزيز الحوار فى القمة 27 للمناخ عن كيفية استعادة الاتزان المائى لكوكب الأرض من خلال اجراءات التكيف والتخفيف للتغيرات المناخية ومضاعفة الجهود لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة خلال النصف الثانى من العقد الدولي 2018-2028 وشعاره "المياه من أجل التنمية المستدامة" 2018-2028. وبالأخص إن التوقعات المستقبلية تشير إلى احتمال زيادة الطلب على المياه العذبة والطاقة والغذاء بسبب التغيرات الديموجرافية والمناخية .
كما طالب بدعم مقترح إنشاء صندوق "الأضرار والخسائر" وتوفير الدعم المالى لتمويل مشروعات البنية الأساسية لدرء مخاطر السيول والأمطار فى المناطق الأكثر هشاشة وبالأخص فى أفريقيا حيث يواجه القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من أربعة عقود. كذلك استكمال الدعم المالى "للصندوق الأخضر " وتحقيق توازن التمويل بين مشروعات التكيف والتخفيف للمشروعات المتعلقه بتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة الأكثر ارتباطاً اقتصادياً واجتماعياً بالهدف الأول والثانى المتعلقين بمكافحة الفقر والجوع.
كما أكد على ضرورة دعم توصية القمة الخامسة عشر الاخيرة (COP 15) لأطراف اتفاقية مكافحه التصحر بإنشاء فريق عمل حكومي دولي معني بالجفاف للفترة 2022-2024 للنظر في الخيارات الممكنة، بما في ذلك أدوات السياسة العالمية وأطر السياسات الإقليمية، لدعم التحول من رد الفعل إلى الإدارة الاستباقية للجفاف
أشار إلى أن أهداف المنتدى تتمثل في توفير منصة رئيسية في الاستعداد لمؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ (COP27)، كذلك استقطاب التكنولوجيا الحديثة والحلول المبتكرة للتحديات المناخية من جميع أنحاء العالم، وتشجيع الإبداع والابتكار في مجال التكنولوجيا، ومنح جوائز تقديرية للمتقدمين بإسهاماتهم المتميزة. كذلك تبادل المعرفة وتطوير المهارات المحلية ورأس المال البشري. مع توعية "مجتمع الشباب" وتزويدهم بمنصة لعرض مبادراتهم وابتكاراتهم.
كشف كذلك عن المحاور الرئيسية والموضوعات الفرعية للمنتدى وتشمل الطاقة النظيفة والمتجددة، والتنمية المستدامة، والحفاظ على البيئة، وحماية التنوع البيولوجي، ومراقبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والأمن الغذائي والمائي في ظل تغير المناخ، فضلاً عن النقل والمدن المستدامة.
اكد أن العلوم والابتكارات تشكل محركاً فعالاً لتحويل النظم الزراعية والغذائية والقضاء على الجوع وسوء التغذية. ولذلك، لا بد أن تكون مصحوبة بمؤسسات قوية، وحوكمة رشيدة، وإرادة سياسية، وأطر تنظيمية تمكينية وتدابير فعّالة لتعزيز الإنصاف بين الجهات الفاعلة في هذه النظم الزراعية والغذائية.
وفيما يخص الطّاقة، أشار إلى أن العالم الآن يتجه الى استخدام الطاقة المتجددة وهي الطّاقة المُستَمّدة من الموارد الطبيعية التي لا تنفذ وتتجدد باستمرار مثل الرياح والمياه والشمس المتوفرة في معظم دول العالم، كما يمكن إنتاجها من حركة الأمواج والمد والجزر أو من طاقة حرارية أرضية وابتكارات أخرى، وهي تختلف أساساً عن الوقود الأحفوري من بترول وفحم وغاز الطبيعي، فلا تنشأ عن الطّاقة المتجددة عادةً مخلّفات الوقود الأحفوري الضارّة للبيئة مثل تلك المؤدية لزيادة الاحتباس الحراري كثنائي أكسيد الكربون (CO2). كما أن الطاقة المتجددة لا تشمل استخدام الوقود النووي متجنبة المخلفات الذرية الضّارة النّاتجة عن المفاعلات النوويّة.
ومن الموضوعات الهامة المتضمَنة فى أجندة المنتدى أيضاً هو علاقة التغير المناخى بالمدن المستدامة ، حيث نسعى للوصول الى ما يعرف "بالمدن الخضراء" الخالية من التلوث البيئى (الهوائى والمائى) والمستخدِمة للأبنية الخضراء من حيث مكوناتها الإنشائية، والبنية التحتية المقاومة للتحديات المناخية والكوارث الطبيعية.
وسيكون للمناقشات التمهيدية لمؤتمر الأطراف تأثيراً كبيراً في دعم التحضير لمؤتمر الأطراف 27 المعني بتغير المناخ وذلك من خلال تشكيل الرؤى، والمؤسسات ذات الصلة، وتحسين التعاون بين صانعي القرار وخبراء البيئة والتنمية المستدامة.