«أجندة» علاء فاروق للزراعة المصرية
ربما قصد علاء فاروق وزير الزراعة الجديد بداية مهمته الثقيلة في ملعب الزراعة المصرية، على طريقة اللاعب المصري الشاب الجاد الوطني ذي العيار الثقيل، محمود حسن تريزيجيه، الذي يحرص على تسجيل هدف سريع ومباشر في الدقائق الأولى من المباراة، لطمأنة الجمهور.
وجمهور الزراعة المصرية ذاق مرارة العطش أربعة أعوام ونصف العام، حتى تشققت الشفاة، وطفح الملح عليها، فآلمها، بدليل ارتفاع سعر "شيكارة الكيماوي" في الشهرين الأخيرين، لتلامس سقف 1200 جنيه، دون أي مبرر، حتى في ظل أزمة الغاز التي علم بها الزارع والصانع.
فتح كتاب مشاكل صغار المزارعين والمربين
ولأن علاء فاروق كان قبل توليه حقيبة الزراعة المصرية قائما بجولات مكوكية من جنوب أسوان عند شلاتين وحلايب إلى أقصى الشمال الغربي في مطروح، فقد أوتي ما لم يؤتَ للوزير السابق من معلومات ومآس تحيق بالفلاح الصغير والمستثمر الزراعي ومربي الماشية والدواجن، بكل أحجامهم ودرجاتهم ومستوياتهم، على الرغم من أن الوزيرين السابق واللاحق ترجلا من رئاسة البنك الزراعي المصري، قبل أن تمتد أيديهما لحمل الحقيبة الأكثر ثقلا والأعلى في سلم أولويات الأمن المجتمعي.
زيارة "فاروق" للتعاونيات
يقيني، أن المواهب درجات، كما أن ليس كل ذكي يستطيع تحويل الذكاء والعلم إلى مهارات، ولذا، مع التسليم بالمستوى الطيب الذي بلغه ذكاء الوزير السابق "القصير"، فإنه ليس قدحا في حقه، حين أسجل هنا إعجابي الشديد بتفوق "فاروق" مهاريا، حين سدد هدفا بألف في مرمى العمل الميداني الأكثر تحصينا، وهو مرمى التعاونيات الزراعية، ويقيني أيضا أنه ترك أكثر من 7 آلاف جمعية تعاونية تشغي كخلايا النحل، خوفا من هبوطه المباغت فوق مكاتب موظفيها، المثقلة بدفاتر لا يعلم محتواها إلا الله.
الأجندة الزراعية العملية
منذ اللقاء التلفزيوني في الدقائق المعدودة التي تلت حلفه اليمين، قرأ الوزير علاء فاروق أجندته على الهواء، مسددا بها ضربات تشبه لكمات حاسمة في وجه تماثيل استعصى هدمها على الوزير السابق، مثل: الإرشاد الزراعي المتردي، ملف "تكنولوجيا الري" وهو المصطلح الذي يتردد منذ ما قبل 2014، وتم توثيقه بالبنط العريض في كتاب استراتيجية الزراعة المصرية 20/30، إضافة إلى الاستغلال الأمثل لمياه الري، وهي نقطة مرتبطة بالسابقة، ليبدأ المتابعون النظر إلى عداد تنفيذ ما قطعه على نفسه من وعود، متمنين أن تعينه الحكومة على الوفاء.
نبش مقابر البحوث الزراعية
استمر علاء فاروق خلال مداخلة تلفزيونية مع المذيع النابه شريف عامر، في التسديد الموجه إلى دوائر الاعتلال، مثل: نبش مقابر البحوث الزراعية لتحويلها إلى لقمة عيش وبيضة وقطعة دجاج أو سمكة، حتى لو بالشراكة مع القطاع الخاص، ثم مد الأيدي لاحتضان أو مساندة المزارع والمربي الصغيرين في الريف، ولعله قصد إعادة إحياء الأسرة الريفية المنتجة، كبطاريات إنتاجية صغيرة ومتناهية الصغر، من خلال ربطها ببرنامج "باب رزق"، الذي افتتحه قبل عامين في البنك الزراعي.
المدارس الفنية الزراعية وفجوة الحبوب
وبذكاء وحنكة لضم "فاروق" في مداخلته الأولى، فكرة إحياء المدارس الفنية الزراعية، التي أهدت إلى قطاع الزراعة المصرية عبر عقود طويلة مضت، أكفأ الفنيين الزراعيين، كما لم يهمل تأطير أجندته بغلاف اقتصادي يليق بالملف الكلي، حين أكد على ضرورة الاستفادة من محور "الاستثمار الزراعي"، في ظل أزمة روسيا وأوكرانيا، ولعله أوحى بأهمية تحين الفرصة لتقليص فجوة عرضها 10 ملايين طن ذرة لصالح صناعة البروتين، و10 ملايين طن من الأقماح المستوردة لرغيف الخبز المدعم.
ضربة البداية
لست متعجلا في التعبير عن تفاؤلي بتولي السيد علاء فاروق مسؤولية تحريك "مركب الزراعة" الجانحة، بقدر ما يشغلني توثيق إعجابي الشديد بضربة البداية، حتى لو كنتُ مؤمنا بمقولة "العِبرة بالخواتيم"، لكننا محكومون شرعا باتباع الحكمة الأكثر وجوبا: بشروا ولا تنفروا، وهنا أوثق بشراي.