د. اسامة سلام يكتب.. بروباجندا مائية
يواجه العالم تحديات مائية كبيرة، وتتطلب حلولاً واقعية مبنية على أبحاث علمية دقيقة. ومع ذلك، هناك بعض الموضوعات التي يتم الترويج لها من آن لآخر كحلول سحرية، ولكنها في الواقع مازالت في طور التطوير ولايمكن الاعتماد عليها لحل الازمة المائية التي يواجها العالم وخاصة في الدول ذات الدخل المنخفض كما أنها قد تضيع وقت الباحثين وتبعدهم عن الجذور الحقيقية للمشكلة وفي هذه المقالة احاول القاء الضوء على هذه الوضوعات والتي ارى من أهمها مايلي:
1- المبالغة في تقدير إمكانيات تحلية المياه
• تكلفة تحلية المياه مازالت مرتفعة جداً، وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وقد تؤثر سلباً على البيئة. التركيز المفرط على التحلية قد يؤدي إلى إهمال حلول أخرى أكثر استدامة مثل ترشيد الاستهلاك وإعادة استخدام المياه.
• التحلية هي حل مكمل، ولكنها ليست حلاً شاملاً لمشكلة المياه. لذا يجب التركيز على إدارة الطلب على المياه وتقليل الفاقد منها
2- الاعتماد على مشروعات نقل المياه بين الانهار
مشروعات نقل المياه مكلفة جداً، وتستغرق وقتاً طويلاً لتنفيذها، وتحتاج لاتفاقات دولية صعبة و تؤثر سلباً على البيئة. الاعتماد على هذه المشروعات قد يؤدي إلى إهمال الحلول المحلية.
3- الاستمطار واستخلاص المياه من الجو
يمكن اعتبار الاستمطار واستخلاص المياه من الجو موضوعات للبروباجندا ، خاصة عندما يتم الترويج لها على أنها الحل السحري لجميع مشاكل المياه دون دراسات جدوى كافية أو إثبات فعالية على نطاق واسع.
• غالبًا ما يتم الترويج لهذه التقنيات على أنها قادرة على حل أزمة المياه بشكل كامل، دون مراعاة التحديات المناخية والجيولوجية والاقتصادية.
• لا يوجد دليل علمي قاطع على فعالية هذه التقنيات في زيادة هطول الأمطار بشكل كبير أو استخلاص كميات كبيرة من المياه من الهواء في المناطق الجافة.
• قد يتم استخدام هذه التقنيات لتشتيت الانتباه عن الحلول الحقيقية لمشكلة المياه، مثل ترشيد الاستهلاك وإعادة استخدام المياه.
4- المبالغة في مردود مشروعات الشحن الاصطناعي للخزان الجوفي
المبالغة في مردود شحن الخزانات الجوفية بدون النظر إلى التكلفة والاحتياج الحقيقي ودراسة الفرص والبدائل الاخرى وقد يكون هذا التضخيم نتيجة لعدم وجود دراسات جدوى شاملة تكشف عن التكاليف الفعلية والفوائد الحقيقية. يعتبر هذا الأمر خطيرًا لانه قد يؤدي إلى إضاعة الموارد المالية والبشرية في مشاريع غير مجدية اقتصاديًا أو بيئيًا. وقد يؤدي إلى خلق توقعات غير واقعية وإهمال حلول أخرى قد تكون أكثر فعالية واقتصادية لمشكلة ندرة المياه.
5- استخدام الذكاء الاصطناعي والمبالغة في إمكاناته ومردوده
• التضليل والترويج المبالغ فيه حيث يتم تقديم الذكاء الاصطناعي على أنه الحل السحري لجميع المشاكل، أو عندما يتم تضخيم قدرته على أداء مهام معينة بشكل كبير،
• غالبًا ما تستخدم الشركات التقنية هذه الاستراتيجية للترويج لمنتجاتها وخدمات الذكاء الاصطناعي، حتى لو كانت الإمكانات الفعلية لهذه المنتجات محدودة.
• يمكن أن يؤدي الترويج المبالغ فيه للذكاء الاصطناعي إلى خلق توقعات غير واقعية لدى الجمهور، مما قد يؤدي إلى خيبة أمل لاحقًا.
6- استخدام الاستشعار عن بعد لتقدير إمكانات الخزانات الجوفية بصورة كمية دقيقة.
• قد يتم الترويج لهذه التقنية على أنها قادرة على تقديم تقديرات دقيقة للغاية لإمكانات الخزانات الجوفية، حتى في المناطق التي يصعب الوصول إليها أو التي تفتقر إلى بيانات كافية. هذا الترويج المبالغ فيه قد يؤدي إلى توقعات غير واقعية.
• رغم التطور الكبير في تقنيات الاستشعار عن بعد، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات في تقديم تقديرات كمية دقيقة للغاية، خاصة في البيئات المعقدة جيولوجياً.
• قد تستخدم الشركات التي تقدم خدمات الاستشعار عن بعد هذه التقنية للترويج لمنتجاتها وخدماتهم، حتى لو كانت النتائج غير مؤكدة أو غير دقيقة.
ورغم ذلك
• الاستشعار عن بعد هو أداة قوية يمكن أن تساعد في توفير معلومات قيمة حول الخزانات الجوفية، مثل عمقها وامتدادها وجودة المياه.
• تتطور تقنيات الاستشعار عن بعد بشكل مستمر، مما يؤدي إلى تحسين دقة التقديرات.
• لا يتم الاعتماد على الاستشعار عن بعد وحده لتقدير إمكانات الخزانات الجوفية، بل يتم استخدامه بالاشتراك مع تقنيات أخرى مثل الحفر الاستكشافي والتحليل الكيميائي.
لذا يجب على الباحثين التركيز على:
• البحث في سبل ترشيد استهلاك المياه في جميع القطاعات.
• تطوير تقنيات لإعادة استخدام المياه المعالجة.
• استخدام أنظمة الري الحديثة لتقليل الفاقد من المياه.
• الاستفادة القصوى من مياه الأمطار ..
• الاستفادة من الخبرات الدولية في مجال إدارة المياه.
*د أسامه سلام استاذ المياه بالمركز القومي لبحوث المياه