الأرض
الجمعة 22 نوفمبر 2024 مـ 01:30 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

بالصور.. ”الأرض” تكشف ”مافيا” سرقة الفلاحين في أسواق المواشي

ـ أصحاب الأسواق يرفعون تسعيرات "الأرضية" إلى الضعف.. وسط غياب الرقابة

ـ أرضية العجل تبدأ بـ70 جنيهاً والأغنام 30 جنيها

بلطجية السوق يمنعون محرر "الأرض" من التصوير

رئيس اتحاد الفلاحين: مافيا تسيطر على الأسواق.. ويؤكد: طالبت محافظ المنوفية بتشديد الرقابة


فى سوق شبين الكوم، الذي يقع في "شبرا باص"، ظاهرة يعرفها جميع الفلاحين، ويتجاهلها المسئولون، ربما عن عمد، وربما لانشغالهم عن "الغلابة"، كان هو السبب، وهى "الأرضية"، كما يسميها التجار والفلاحون البسطاء، وتعني أن كل تاجر أو فلاح أو مواطن دخل سوق المواشي، يدفع مبلغا ماليا لكل رأس ماشية، دخلت السوق، وهذا يجري أثناء الخروج من السوق، ولهذه المبالغ المالية لها قوانين يسنها المسئولون .


1435818414502

تحولت عمليات إدارة الأسواق، التي تشرف عليها المحافظات، إلى مافيا لسرقة أموال الفلاحين، ومضاعفة المبالغ التي يدفعها الفلاحون لأصحاب السوق، وعدم التزامهم بالتسعيرات التي وضعتها الدولة، وفقا لما ذكره الفلاحون.

على عشرات الأمتار من السوق، بدأ الحديث مع فلاح أربعيني، يدعى "محمد سيد أحمد"، انتهى من شراء أغنام وينتظر سيارة للذهاب إلى بيته، سألته عن سعر أغنامه، وما يجري بالسوق، وكان السؤال الأهم "هو أنت دفعت كام أرضية لهذه الأغنام؟"، فأجاب مترددا وبخوف، "الأرضية كانت بـ 50 جنيهاً كل قطعة"، قلت له "ولماذا هذا الارتفاع في التسعيرة"، فأجاب، "سيبها على الله ياعم، هو حد قادر يتكلم".


استكملت طريقي إلى السوق، التقيت برجل ستيني، يجلس على كوم من "روث البهائم"، يبدو على ملامحه الإجهاد والتعب، رفض ذكر اسمه، بدأت حديثي معه عن مشكلات الفلاحين من أسمدة وجمعيات زراعية وري وصرف.. إلخ، واختتمت بالاستفسار عن تسعيرة الأرضية في السوق، فبدت على وجهه علامات القلق والخوف، ورد متلعثما، "أصحاب السوق ناس محترمة، والأرضيات زي الأسواق التانية"، ألححت على سؤالي، ولكن حديثه كان متشابها ولم يدل بمعلومة وانصرف عني، رافضاً الحديث.


قبل وصولي إلى البوابة الرئيسية للسوق، الذي يبعد عن الطريق الرئيسي عشرات الأمتار، تحدثت إلى رجل ثلاثيني، اكتشفت بعد حديثي إليه أنه أحد أقارب أصحاب السوق، ولكن لم يكن خائفا ولا مترددا في حديثه معي، ولكن إخماد قلقه تبلور في رسالة طمأنينة بعدم وصول حديثه لعمه أحد الشركاء في السوق، وعدم ذكر اسمه، ليقول، "الأرضيات هنا مثل الأسواق الأخرى، فأرضية العجل تبدأ بـ70 جنيهاً وأرضية الأغنام تبدأ من 30 جنيها فأكثر، بينما المواشي الكبيرة تتخطى المائة جنيه.


وأشار في حديثه، بعد طلبه عدم ذكر اسمه، إلى أن هناك اختلافا في التعامل بين تجار المواشي، والفلاحين، مؤكدا أن التسعيرات التي تطبق على التجار أقل من تلك التي يطبقها أصحاب السوق على الفلاحين، معللاً ذلك بأن الفلاح لا يتردد سوى مرة واحدة كل كام عام، وربما لا يتردد، ولكن التاجر يأتي بمواشيه كل خميس إلى السوق لكسب رزقه " .


1435818993407

انتهى حديثه بإلحاح بمصاحبته للإفطار في منزله المتواضع، كما قال لي، ولكن تحججت بضيق الوقت وأني قادم من القاهرة، لانتقل بعدها إلى السوق وأصل إلى البوابة الرئيسية، كان السوق في هذا الوقت في مرحلة "التشطيب"، ولكن ما زالت السيارات المحملة بالمواشي تدخل وتخرج من البوابة الرئيسية، كان المشهد مذهلا، العشرات بـ"العصي والشوم"، ورجلان أحدهما يبدو عليه التزامه الديني، بعلامة الصلاة التي حُفرت على جبهته، وآخر قصير بعض الشيء، ولكن لم يختلف عما حوله، التقطت بعض الصور، خلسة، وتعاقب عمليات دفع الفلاحين والتجار على أصحاب السوق، وثبت من خلال ذلك صدق ما رواه ابن شقيق أحد الشركاء .


لم أجد سببا لبقائي، فما أريده من معلومات حصلت عليه، واتجهت في طريقي للعدوة، ولكن قبل خروجي من البوابة الرئيسية، أوقفي رجلان في الأربعينيات من عمرهما، وقالا لي، "من أنت وماذا تعمل ولماذا أنت هنا؟"، قبل أن أرد، جاء الرجل الذي يبدو عليه الالتزام الديني، محاولا الاستيلاء على "التليفون واللاب توب"، اعترضت بشدة، وبدأت ارتفاع الأصوات بيننا، انتهى صخب الأصوات بالحجز في إحدى الغرف "متر في متر" داخل ىالسوق، وبدأوا تفتيش متعلقاتي الشخصية، والتعرف على هويتي، لم أعترض، وهددتهم بالاتصال بالمحافظة وقسم الشرطة حال التصرف بأي شيء غير لائق، لم يجدوا أي شيء مخالف، فالصور التي التقطها حذفتها على الفور، أبقيت بعضها في مكان سري .

بعد حديث طويل واتهامات بانتمائي لجماعة الإخوان، قدموا لي الاعتذار وأوصلوني إلى الطريق الرئيسي، وما اكتشفته أن الرجل الستيني الذي التقيته قبل دخولي السوق كان يعمل "ناضورجي" لصالح أصحاب السوق، ليس هو فقط، بل كان هناك عدد لا بأس من هؤلاء البلطجية الذين يرصدون الداخل والخارج من السوق.


1435819267372

ووفقا لعدد من الفلاحين، هناك 4 رجال أعمال ومسئولين يتحكمون في السوق، ومنهم عبدالعزيز العبد، الذي تربطه علاقة قوية بأحمد عيسوي سليم، رئيس الجمعية العامة لمنتجي البطاطس، ومسجل باسمه السوق، أما من الباطن فهناك سامي دراز، وسعيد أبو العنين.


وقال الفلاحون، إن المسئولين عن السوق يتحججون برفع تسعيرات "الأرضية"، بأن المحافظة والمديرية تعلم ذلك، وهناك مراسلات مالية بين الطرفين، وأن المحافظة لها نصيب من هذه الأموال.


إجمالي ما جرى روايته هو أن هناك "مافيا" تغتال الفلاح البسيط، وفقا لما ذكره محمد فرج، رئيس الاتحاد العام للفلاحين، مؤكداً وجود "حفنة" فاسدة تقضي على مجهود الفلاح المصري.


وأضاف "فرج"، في تصريحات لـ"الأرض"، أنه التقى الدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، وعرض عليه هذه الكارثة، مطالبا بتفعيل الدور الرقابي على الأسواق، لورفع المعاناة عن الفلاح البسيط الذي يدفع فاتورة حفنة فاسدة من المجرمين.