قبل بيع مركزي ”بحوث الصحراء” و”الزراعية”
الباحثون والعاملون بمركز بحوث الصحراء غاضبون من نائب دائرتهم المطرية بمجلس النواب، بسبب مطالبته وزيرة التخطيط باستثمار فرصة ذهبية، يمكنها أن تقلل فجوة العجز بموازنة الحكومة، وهي بيع مقر المركز بمليار جنيه، وتسريح الباحثين كما وصفهم "مالومش لزمة".
أبرز السعر التقديري لسيادة نائب الدايرة خبرته في سوق الأراضي والعقارات، وإن كان قد جانبه الصواب لجهله بالقيمة الأثرية للمقر، وهو قصر الأمير يوسف كمال وما يحيطه من آثار قديمة في باطن الأرض، يمكنها سداد ديون وقروض مصر بالكامل، لو فطن سيادة النائب وأمثاله إلى قيمتها الحضارية الممتدة في جذور أرضنا الطيبة منذ عشرة الاف سنة.
انقسم الباحثون والعاملون بمركز الصحراء بدافع الانتماء إلى فريقين .. أحدهما حسن النية يطالب بدعوة النائب لزيارة مقر المركز للاطلاع على رسالته القومية الممتدة عبر صحاري مصر التي تمثل أكثر من 90 % من أرض مصر.
أما الفريق الآخر الأكثر واقعية، فيرفض تماما فكرة الفريق الأول، مطالبا باعتذار النائب فورا، وتحت قبة البرلمان لإهانته أقدم مؤسسة بحثية للصحراء في منطقه الشرق الأوسط التى يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1939، بالرغم من أن اعتذاره لن يضيف شيئا لهرم علمي، وتكفينا مغزى ابتسامة وزيرة التخطيط أثناء حديثة.
وبحكم ارتباطي بالمؤسسة التي أعتز بالانتماء إليها وتربطني بكل العاملين بها أواصر حب وتقدير واحترام، وقد رأيت أن أشاركهم القضية بعتاب المحبة للفريقين لتناولهما القضية من منظور ضيق بالرغم من أن ممارسة البحث العلمي والعمل الميداني تؤهلهما بالتأكيد إلى تناول القضية بمنظور أوسع وأرحب وهو الولاء للوطن قبل أحد مؤسساته، القضية ليست قضية مركز بحوث الصحراء، ولكن هي قضية وطن تسرب إلى مقاعد برلمانه عناصر غير مؤهلة بالتعليم والثقافة والمعرفة وآداب الحوار وغيرها من الصفات المفترض توافرها في نائب البرلمان، ومن هنا يجب ان نكثف جهودنا في منع هؤلاء دخول البرلمان في كل دوائر مصر، وهو الدور التوعوي المنوط بالنخبة المثقفة التي تترفع حاليا عن أداء تلك الرسالة حتى تأمن شر أشياء كثيرة سوف تتضاعف آثارها السلبية علينا بالتجاهل بديلا للمواجهة .
لو استمر تجاهلنا للواقع الحالي سوف يأتي حدث آخر قريب لنائب مماثل يطالب ببيع مقر مركز البحوث الزراعية لخصوبة أراضي الأبحاث الواقعة بزمامة ويباع القيراط منها الان بسبعين آلف جنيه !!، وماذا عن حديقة الحيوان وأرضيها الشاسعة وحيواناتها التي تستهلك لحوما غير متاحه للبشر !!، وسيأتي آخر يطالب بتأجير الهرم أو بيعه !!، الكوارث المتوقعة كثيرة وهي في غالب الأحوال لا يؤخذ بها في الواقع الحالي للدولة ولكنها مؤشرات قراءة مستقبلية محتملة بشدة في ظل استسلام نخبه المثقفين والباحثين والعلماء والخبراء لهذه الفئة المتكاثرة في ساحة العمل السياسي .
أرى وجوها حائرة متسائلة عن مقصدي، وأقول لهم بوضوح إن مركز بحوث الصحراء وغيره من المراكز المماثلة له دور نحو سكان البيئة المحيطة به، ولو فتحنا أبوابنا لفصول مسائية لمحو الأمية مادخل هذا الرجل وغيره إلى البرلمان، ولو أعدنا الصالون الثقافي ودعونا شباب المطرية للحوار العلمي ..ما دخل هذا الرجل وأمثاله البرلمان .. لو أعدنا فتح معمل اللغات لشباب الدائرة بدون مقابل للارتقاء بقدراتهم لوظائف أفضل !..مادخل هذا الرجل وأمثاله البرلمان !! نحن قادرون على إسقاط هذا النائب وأمثاله ..نحن نملك ما لايملكه ويحسدنا عليه بالتطاول !! نحن نملك التنوير الكفيل بحماية مستقبل شبابنا وأحفادنا من هذا النائب وأمثاله.