” الانتحار المعلن ”
أعلن أحد طلاب كلية الطب بجامعة عين شمس، عن قراره بالانتحار يوم 1/6/2019 ، وعندما عُثر عليه، أثاروا ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك.
وأجمع الطلبة على مساعدة ذلك الشاب بشتى الطرق محاولين إيصال رسائل أننا جميعا بجانبك، لعله يعلم أن لا شيء يستحق هوان النفس على نفسها.
لا أدري من أين أبدأ معكم من جهة الدين ، الدنيا ، الطالب أم المسؤول،
فرغم أن الانتحار من المحرمات، ويعد من يقتل نفسه كافرا، إلا أنه لم يأخذ ذلك في عين الاعتبار، فقد أجهدت روحه وهلكت ولانعلم السبب، أكانت الضغوط الدراسية، أم أن لديه ظروف أخرى.
وفرضا بأن هذه الرسالة ليست جادة أو غير حقيقية، إلا أن بعض الطلاب أكدوا عبر حساباتهم الشخصية أنهم راغبون في ذلك، وأنه إن لم يكن الانتحار محرمًا فسوف يلجؤون إليه.
وهنا سأشير بكل وضوح لاتهام نظام الكلية، بأنه السبب الرئيسي لذلك، حيث أن سياسة الكلية التي تخرج من هم يعالجون المرضى ويخففون الآلام وجعلتهم مرضى، فهناك الكثير كان من خير النفوس وعندما اختلط بضجيج الكلية وشوائبها من النظام والكم الدراسي والإمتحانات المصاحبة للضغط والتوتر التي أصبحت كوجبة أساسية لنا كالطعام السام، جعلت كل منا يذبل من الداخل ويزهد عن العلم والدنيا، وتهون عليه نفسه ودينه ومن حوله، حتى لم تترك لأحد الفرصة ليقدر على مواجهة مشاكله خارج إطار الكلية والدراسة، كأنها قيد ولجام لنا ملتف حول العنق، ولا يمكننا الالتفات أبدا لرؤية العالم حولنا.
أصبح الكثير منا يظن أننا نعيش في عالم منفصل عن العالم الخارجي لأسوار كلية الطب، يشوبه الاكتئاب ومرضى الضغط في سن صغير وغيرها من الحالات التي تزداد سوء.
المغزى من ذلك كله ومن كل ما تم ذكرته، هو أن على من بيديه الأمر الأخذ بعين الرفق والرحمة بالعقول والقدرات البشرية، فنحن الأن طلبة نتعلم من الكلية ولسنا جهابذة ولا فضائيين، فقد جئنا للكلية بقدرات تحمل خاصة ولا يمكننا الشكوى أو تقديم الاقتراحات وتقبلها، فقد قامت إدارة الكلية بوضع منشور تقدم فيه العون لكل من لديه مشكلة لتساعده ايا كان نوعها ولكنها لا تعلم أن الكلية هي السبب الأول والأخير، وأن عليهم التعديل في الكثير من النقاط وتخفيف الضغط وإلا سنصبح دولة بلا أطباء، يتخرجون من جامعة عين شمس، وسوف يتخرج منها ويدخلها فقط المرضى، إذا فمن المُعالج الأن؟! .
وأناشد طلاب الكلية، باستكمال مسيرتهم في الترابط والتخفيف عن رفيق دربنا، والوقوف معه دون تردد أيا كان سبب رغبته الانتحارية.
وأناشد تلك النفس التي نتمسك بها جميعا، بأننا معه وسنحمل عنه كل ما لايطيق وأرغب أن يصله أننا لن نتخلي عنه يوما، فمنذ أن خُلقنا يربطنا الطب ومهنته السامية حتى وإن كانت سياساته التعليمة مؤلمة لنا، وتربطنا مودتنا وأخلاقنا تجاه بعضنا.
دمنا أطباء سالمين بين شوائب الكلية ونظامها المعقد