التواصل الإجتماعي ... مخاطر وحرج دولي
هل يتصور البعض أن مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية مكان مناسب لصناعه القرار والمشاركة المجتمعية حتي في قرارات الحروب والمفاوضات ؟!!!
اذا تصور البعض شيئا من هذا فحتما هو تصور خاطيء ..
ليست هكذا تكون المشاركة المجتمعية في القضايا التي تجتذب اهتمام الراي العام ..
صانعي القرار ومتخذي القرار لا يعتمدون في قراراتهم الحساسة علي ما يثار خلال وسائل التواصل - رغم خطورته علي مجريات الامور محليا وعالميا - ، هل يدرك الجميع أن كل ما يكتب يخضع للتحليل والدراسة من وكالات دولية واجهزة مخابراتية ، وللاسف مع اسهال التصريحات الشعبية عندنا قد يضع الحكومات في حرج اقليمي ودولي ، ناهيك عن انه بدراسة هذه المخاليط من الاراء يستطيع المحلل ان يعرف مواطن القوة والضعف في البنية الثقافية والوعي المجتمعي ، ويستطيع أن يتخذ من نقاط الضعف هذه مداخل لتحقيق مآربه في التشكيك في مقدرات الدولة وأهمها المقدرة البشرية . هل يعقل أن يتم استدراج الآلاف من الشباب مثلا للتشكيك في القضاء وتصوير الامر ان هيئات المحاكم ربما تسهر علي صفحات الفيسبوك تستمد منها المعلومات والتحليلات اللوزعية وتبني عليها قراراتها المصيرية ؟ لا طبعا. هل يعقل أن صفحات الفيسبوك تكون مكانا لدراسة وتحليل محاضر الشرطة والنيابة في بعض القضايا ، مع افراط في نشر مواثيق ومستندات غالبا البطل الوحيد فيها هو الفوتوشوب وإخوانه. هل مقبول ان يتم استدراج الملايين بالمشاركات غير المنضبطة عن سد النهضة والكثير منها يجزم انه لامفر من حرب مع إثيوبيا بما يصور للمجتمع الدولي أن هذا الرأي تم تكوينه لدي المجتمع بناء علي توجهات وتصريحات للحكومة المصرية ، رغم أن الخيار العسكري لم يتم طرحه اطلاقا منذ دخول مصر في مراحل المفاوضات المنضبطة مع الجانب الاثيوبي؟! ، هل يصل الامر الي انتشار احصائيات عن قدرات الجيش المصري وما يتملكه من انواع الاسلحه المختلفة مقارنة بما تمتلكة اطراف دولية اخري ، مع أن هذه المعلومات ليس لها اي مصادر موثوقه فضلا عن أن التعرض لها يعتبر من المحظورات علي مستوي الامن القومي .
ليست هكذا تدار القضايا، وليس بهذه الآليات العشوائيه يحكم القضاء، ولا بهذا الانفلات في التعبير عن الرأي تصنع وتتخذ القرارات في قضايا مصيرية.
استخدام مواقع التواصل بهذا الشكل كفيل بأن يفشل الكثير من الجهود، ويكون الكثير شركاء دون ادراك منهم او بتلاعب من لجان الكترونية موجهة...
نحتاج الي الكثير من برامج تثقيفية لرفع الوعي بضوابط استخدام التواصل الاجتماعي وما هو المتاح وما هو المسكوت عنه ، وما الذي يمكن أن ينشر ،
وحتي بعض النخبة من المثقفين في حاجه لتذكيرهم انه ليس كل ما يعرف يقال ،
وكمواطن متابع لبعض مجريات الامور في بلدي يبقي أن أؤكد علي قناعاتي أن مصر دولة مؤسسات، لا ولن تصنع قراراتها من واقع مواقع التواصل واجتهادات وتعبير عن مشاعر ووطنيات، مصر دولة تعرف طريقها، ولم يصدر عن دوائر اتخاذ القرار في مصر حتي الان ما يشير الي انها تلجأ للحفاظ علي حقها بخيارات عسكرية لا تصريحا ولا تلميحا ، وأن حكومتنا جادة في ملفات كثيرة بدءا من مشروعات التنمية وصولا، الي قضاياها الدولية الحالية ومنها سد النهضة، ودولة مثل مصر لا تعتمد علي مشاعر ولا تؤثر عليها شعارات ولا تتخلي عن ثوابتها والتي من اهمها أننا دولة سلام وما نحققه بالتفاوض لن نلجأ لتحقيقه بالقوة، بالرغم من امتلاكها لمقومات القوة والتي تكفل لها استخدامها اذا كان لا مفر وعند الاعتداء علي حقوقها ... مصر دولة تحكمها اخلاقيات جيشها وثوابته الانسانية و أن حفظ الحقوق وحقن الدماء من أهم رسالاته عبر تاريخه المجيد ...
مصر قوية ، وتستمد قوتها من الله ثم أصالة شعبها وجيشها، قوية بقوة الحق وثابته الخطي بثبات اهراماتها وصوارى راياتها العزيزة عبر تاريخها ، إنها مصر المسالمة القادرة.