إضافات الأعلاف .. الضرورة الصحية لضمان الربحية
تعد الثروة الحيوانية من أهم مصادر البروتينات في غذاء الإنسان، إلى جانب أهميتها في العديد من الأغراض الأخرى مثل النقل التقليدي، وكمصدر للجلود والشعر، و كذلك كمصدر للعديد من المركبات الغذائية المهمة للإنسان والحيوان و البيئة.
و تواجه أنشطة الإنتاج الحيواني العديد من المعوقات و المشكلات التي تؤثر عليها سلباً ، وتعتبر المسببات المرضية و كذلك العوامل المثبطة لامتصاص المركبات الغذائية المشتملة عليها الأعلاف من أهم هذه المعوقات.
و للتغلب على مشكلة المسببات المرضية في منظومة الإنتاج الحيواني تعددت الممارسات الجيد منها و غير الجيد، و ذلك في محاولات لخفض معدلات الإصابة والنفوق بين القطعان باختلاف أنواعها سواء الدواجن أو المجترات أو الأسماك.
و جاء استخدام المضادات الحيوية بغرض وقائي في مقدمة الاختيارات لما له من تأثير ملحوظ في تحقيق الغرض المطلوب، حيث أن استخدام المضادات الحيوية بجرعات أقل من الجرعات العلاجية تتسبب في القضاء على الميكروبات الضارة في أطوارها الأولى في أمعاء الحيوانات (الدواجن، المجترات، الأسماك) إلى جانب تأثيرها الإيجابي الملحوظ على الكفاءة الإنتاجية من حيث زيادة الوزن الحي و انخفاض معدلات استهلاك الأعلاف و كذلك انخفاض معدلات الإصابة و النفوق.
واستمر هذا السلوك بين المربيين والمنتجين منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي حتى أواخر التسعينيات منه، حيث بدأ ظهور سلالات بكتيرية متعددة المقاومة للمضادات الحيوية تعذر معها علاج العديد من الأمراض البكتيرية التي تصيب الإنسان والحيوان.
وبالبحث عن الأساب الرئيسية لهذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد صحة الإنسان و الحيوان و كذلك البيئة بشكل كبير ، تبين أن السبب الأساسي لظهور تلك السلالات متعددة المقاومة للمضادات الحيوية يرجع إلى استخدام المضادات الحيوية كمنشطات للنمو، كإضافات وقائية في مجال الإنتاج الحيواني، حيث تسبب ذلك في حدوث اعتياد أنواع البكتيريا الممرضة على المضاد الحيوي بتركيزاته المنخفضة دون القضاء عليها، و نتيجة لهذا تكونت مواد وراثية (جينات) داخل البكتيريا مقاومة ليس فقط ضد هذا النوع من المضاد الحيوي بل كذلك للمجموعة التي ينتمي إليها، وبالتالي للمضادات الحيوية الأخرى التي تنتمي لهذه المجموعة.
كما اتضحت قدرة هذه الجينات على الانتقال إلى سلالات بكتيرية أخرى حتى وإن لم تتعرض هذه السلالات مباشرة للمضاد الحيوي المتسبب في حدوث المقاومة.
من هنا ظهرت عدة أمراض خطيرة لدى الإنسان و الحيوان، يفشل فيها المضاد الحيوي للقضاء على الميكروبات المسببة لها، وتكررت الشكوى من عدم جدوى أنواع من الأدوية كانت تستخدم من قبل بكفاءة عالية ضد البكتيريا الضارة، ولم يعد لها تأثير إيجابي ضد الأمراض.
ولذلك تم إصدار اللوائح و التشريعات المنظمة لتغذية و رعاية الحيوانات و التي تمنع استخدام المضادات الحيوية إلا لأغراض علاجية فقط ولا يصرح باستخدامها كمنشات للنمو أو كإضافات وقائية في مجال الإنتاج الحيواني و ذلك منذ بداية القرن الحالي.
وبمنع استخدام المضادات الحيوية بالجرعات المنخفضة، بدأ ظهور العديد من الأمراض البكتيرية في قطعان الإنتاج الحيواني مثل السالمونيلا والكلوستريديوم و غيرها التي تسببت في خسائر فادحة سواء صحية أو إنتاجية.
و من هنا بدأ التفكير في إيجاد بدائل آمنة تستخدم بغرض تحسين الإنتاج ورفع المناعة وكذلك مقاومة أنواع البكتيريا الضارة الموجودة في البيئة وكذلك تلك المتواجدة في أمعاء الحيوانات بصورة طبيعية والتي تنشط نتيجة أي مؤثر داخلي أو خارجي مسببة أمراض، منها المعدي المسبب للأوبئة، و منها الذي يسبب خسائر إاقتصادية نتيجة انخفاض معدلات الإنتاج.
فيما يلي بعض النماذج من البدائل الآمنة التي سيأتي الحديث عنها تفصيلاً في حلقات متتالية إن شاء الله:
1- البروبيوتيك.
2- البربيوتيك.
3- الأحماض العضوية.
4- الزيوت الأساسية.
5- المستخلصات النباتية.
و للحديث بقية...
----------------------------------------------------------------------------------------------------
* أستاذ سلامة الغذاء و الملوثات والمدير الأسبق للمركز الإقليمي للأغذية والأعلاف