الأرض
الجمعة 22 نوفمبر 2024 مـ 03:50 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

لماذا تغير شتاء مصر؟.. خبير مناخ يجيب

في الأعوام الأخير تغير فصل الشتاء، حيث أصبحت درجات الحرارة تنخفض بشدة، مع تذبذب شديد في الحرارة، فضلًا عن موجات الصقيع وهطول متقطع للأمطار وخاصة على الدلتا ومحيطها، ما يثير التساؤل حول سبب تغير الشتاء وحدوث هذه الاضطرابات المناخية، وهل سيستمر هكذا خلال السنوات القادمة.

من جهته، يوضح الدكتور محمد علي فهيم، أستاذ المناخ الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن تلك الاضطرابات المناخية ترجع فى الغالب لظاهرتين مناخيتين، وهما النينو واللانينا، وهاتان الظاهرتان تنشآن وتتطوران في المنطقة الاستوائية في المحيط الهادي كل فترة، ويؤدي كلا منهما إلى التأثير على أنماط توزيع الغيوم ومتوسط درجة الحرارة بشكل مختلف، وإن كانت مدة هذا التأثير تعتبر أقل زمنيا مقارنة بمدة تأثير الدورات الشمسية.

ويشير إلى أن تأثير ظاهرة "النينو" يتمثل في زيادة درجة حرارة المياه السطحية في تلك المنطقة بشكل لافت، خاصة في فصلي الصيف والخريف، مما ينتج عنه تولد تيارات مائية بحرية دافئة، وتحركها شرقا لمسافات طويلة، وهو ما يؤدي بدوره إلى تغيرات مناخية وبيئية قاسية، أبرزها ارتفاع درجة الحرارة وزيادة موجات الجفاف واضطراب المناخ بشكل عام بالقرب من سواحل أستراليا الشرقية وإندونيسيا، وتأثيرات مماثلة لكنها أقل حدة على سواحل الهند وشرق وشمال إفريقيا (مصر) وبقاع أخرى بنصف الكرة الجنوبي.

وتتعاقب مع ظاهرة "النينو" في نفس المنطقة بالمحيط الهادي، ظاهرة بحرية أخرى هي ظاهرة اللانينا، والتي تؤدي إلى تأثيرات معاكسة تتمثل في انخفاض درجة حرارة المياه السطحية وبرودة الطقس نسبيا في أكثر من منطقة عبر العالم.

ويضيف أن العالم على وشك الخروج من تأثيرات ظاهرة النينو التي بدأت منذ عام ٢٠١٥، وهناك بوادر قوية على تعاقب موجة جديدة من اللانينا بعدها، مما يمثل بدوره علامة على انخفاض درجة الحرارة على سطح الأرض بشكل إضافي خلال المواسم المناخية القريبة.

ويلفت إلى أن ظاهرة النينو هي ظاهرة جوية تتعلق بارتفاع درجة حرارة سطح وسط وشرق مياه المحيط الهادي عند خط الاستواء تقريبًا بقيم أعلى من المعدلات وتتكرر كل بضع سنوات ومن المتوقع بنسبة ٦٥% أن يشتد تأثيرها في المواسم القادمة، وهذه الظاهرة تعمل على قلب النظام الجوي الاعتيادي بين غرب المحيط وشرقه وتؤثر بشكل مباشر على غرب الأمريكتين واستراليا وشرق آسيا، وفي مصر نتأثر اجمالاً بالمؤثرات الأوروبية نتيجة مسار الكتل الباردة والرطبة الطبيعية من الغرب نحو الشرق، ويظهر تأثير النينو بطريقة غير مباشرة على أجواء المحيط الأطلسي، حيث يسمح تبريد الهواء الهابط بتشكل مرتفعات جوية قوية مقابل شمال غرب افريقيا وشبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال) وبالتالي تزداد هيمنة ما يعرف بالمرتفع الآزوري في هذه المنطقة.

وبالنسبة لطقس أوروبا، هذا ليس سوى عامل واحد من عدة عوامل تؤثر على طقسها، حيث أن المنظومة الخريفية والشتوية الأوروبية معقدة للغاية وصعبة التحليل، خاصةً أن الهواء القطبي يلعب دورًا بارزًا في الساحة الأوروبية، وفي حال تم تحييد العوامل المؤثرة الأخرى، منها مسارات الرياح القطبية والابقاء على ظاهرة النينو فقط، سنحصل على فرص أكبر لبناء مرتفعات جوية تمتد من غرب أوروبا وافريقيا وصولًا إلى أواسطهما نتيجة تعمق المنخفض الايسلاندي شمال غرب أوروبا، وبالتالي تندفع الكتل الباردة والمنخفضات عبر شرق أوروبا نحو الشرق المتوسط (مصر) لنحظى بالأمطار والثلوج على دفعات.

وهذا ليس الاحتمال الأوحد في حال تحييد العوامل الأخرى، حيث أن فرص بناء منطقة الضغط الجوي المرتفع قد تمتد لتشمل حوض البحر المتوسط كاملًا لنتأثر بأجواء مشمسة قد تكون دافئة أو باردة، ولكن أقرب إلى الجفاف بشكل عام، والاحتمالين السابقين هما نتيجة ربط ظاهرة النينو بطريقة غير مباشرة مع طقس أوروبا المؤثر علينا شتاءً في ظل تحييد العوامل الجوية الأخرى المؤثرة والتي قد تقلب الأمور رأسًا على عقب.