وداعا راهب الزراعة المصرية
وداعا راهب الزراعة المصرية، العالم المرموق والوزير طاهر اليد الأستاذ الدكتور يوسف والى .. أنقى وأنبل وأكفأ من عرفت.
وداعا الإنسان العظيم الذى تعرض لأحقر حملة ظالمة فى التاريخ المصرى الحديث والمعاصر.
وداعا للرجل الذى أضاف لمصر ٢.٥ مليون فدان هى الآن من أجود الأراضى وأكثرها وأنظفها انتاجا.
وداعا للمتصوف الزاهد الذى وُلد لعائلة تملك آلاف الأفدنة تم تأميمها فى الفترة الناصرية ، وعندما أصبح وزيرا مأتمنا على أراضى مصر لم يسترد فدانا واحدا لأسرته ، ولم يتقاض راتبا وفتح مكتبه للفلاحين والمزارعين وقضى فى غيطان مصر وصحاريها سنوات طويلة يشرف بنفسه على حالة الزرع وأحوال الفلاحين.
قبل شهرين تقريبا زرته فى مرضه الأخير، وكان معى أخى وصديقى الدكتور ياسر البارودى، أحد تلامذته الأوفياء، وأحد أهم العارفين بقيمة وفضل هذا الرجل، وقد حاولنا الإنصراف أكثر من مرة حتى لانثقل عليه، ولكن الدكتور يوسف أصر على بقائنا لساعات تحدث خلالها فى أمور عديدة لن أنشر شيئا منها، احتراما لرغبته، فقد كان زاهدا حتى فى إنصاف البشر ولم يكن يريد من كل هذا العالم غير أن يغادره راضيا ومطمئنا.
رحل يوسف والى تاركا خلفه آلاف التلاميذ الذين يعرفون فضله ، وملايين الأفدنة التى تم استصلاحها فى عهده دون تفاخر أو دعاية ، وعشرات معاهد ومعامل البحوث التى دبر لها المليارات فى صمت دون أن يكلف ميزانية الدولة جنيها واحدا.
رحل يوسف والى صابرا محتسبا راضيا، وترك خلفه أيضا، حفنة ضباع خسيسة نهشت سمعته ظلما ولفقت له الاتهامات الحقيرة.
عزائى الوحيد فى رحيل هذا الرجل، أننى كنت من أوائل من أنصفوه ودافعوا عنه فى وقت عصيب جدا، ووصفته بأنه واحد من أنبل وأطهر المسئولين فى التاريخ المصرى كله.
ألف رحمة ونور لروحك الجميلة يادكتور يوسف، وخالص عزائى للصديق والعالم الكبير الدكتور ماهر والى ولكل عائلة والى ولكل تلاميذ ومحبى هذا الرجل العظيم.
* مدير تحرير "الأهرام"