قراءة في الطقس: حرارة اليوم .. من 19 إلى 42 .. هلاك للزرع والضرع
الإجهاد الحراري.. فشل العقد الثمري في الفاكهة والخضر .. وتراجع إدرار اللبن وتحويل اللحوم في المواشي
- الباز عبد العليم: الإجهاد الحراري معول هدم للمحصول .. ومضادات الإجهاد متوافرة
- د. حامد الأقنص: ترطيب الحظائر بالماء أهم وسائل الحماية
- د. محمد بكر: ترطيب العليقة الجافة صيفا بالما .. وإضافة فيتامين "سي" للحلاب بعد 36 درجة مئوية
أظهرت برامج تنبؤات الطقس، تراوح درجات حرارة اليوم 8/5/2021، بين 19 درجة مئوية عند الخامسة صباحا، لتصل عند الثامنة إلى 27 درجة، ثم تقفز مرة واحدة إلى 34 درجة عند العاشرة، قبل أن تبلغ ذروتها في الرابعة عصرا، عند 42 درجة مئوية.
وتشير هذه الحرارة إلى أن الخلايا الحية للمخلوقات، حيوانية أو نباتية، سوف تتعرض لخلل شديد في إتمام العمليات الحيوية، خاصة مع الارتفاع التدريجي وتخطي 32 درجة مئوية بعد التاسعة والنصف صباحا.
أضرار للنباتات
ووفقا لخبراء فيسيولوجيا النبات، الاستشاريين لدى موقع "الأرض"، يتوقف النبات تماما عن الامتصاص والبناء الضوئي بعد تخطي درجات الحرارة 32 درجة مئوية، حيث تُغلَق الثغور تلقائيا وذلك لوقف عملية النتح، حتى لا يفقد النبات عصارته المائية، فيتعرض الذبول، وربما الموت.
ويضيف خبراء "الأرض" أن غلق ثغور الأوراق، يتبعه توقف الشعيرات الجذرية عن امتصاص المياه من التربة، ليصبح النبات كائنا منغلقا يصارع الأجواء المحيطة به ذاتيا، وهنا يتجه لعملية الهدم، وليست البناء.
ويفسر الخبراء هذا الحديث بقولهم: إن عملية البناء التي يكوّن النباتات بها خلاياه ويجددها، تحدث في الضوء خلال ساعات النهار، التي تنخفض فيها الحرارة عن 32 درجة مئوية، ومعنى ذلك أن هذه الأجواء الصيفية الحالية لا توفر للنباتات سوى 4 ساعات فقط للبناء، مقابل 20 ساعة للهدم.
وبقراءة مؤشرات طقس اليوم، وُجِد أن المنحنى سيستمر في الارتفاع نهارا ليصل إلى الدرجة العظمى عند 42 درجة مئوية، وذلك في الثانية ظهرا، ليثبت مؤشر هذه الدرجة حتى الخامسة عصرا، قبل أن يتلطف بالهبوط درجة واحدة عند السادسة والسابعة، ثم يتوالى الهبوط حتى يستقر عند 30 درجة في الثانية عشرة منتصف الليل.
وهنا يؤكد خبراء فيسيولوجيا النبات والحيوان أن هذه الأجواء مشجعة تماما لعملية الهدم فقط، حيث لا تستطيع الكائنات الحية، التنفس طبيعيا، بسبب غلق ثغور أوراق النباتات، وتراجع مستوى الأوكسجين الجوي في الهواء، خاصة مع ارتفاع درجات الرطوبة النسبية.
ويضيف الخبراء، أن هذه الأجواء تجبر الكائنات الحية على الاتجاه لعملية الهدم، وذلك بحرق المخزون من العناصر الغذائية (الكربوهيدرات)، وإفراز الإيثيلين والأبسيسك، وهما من الهرمونات الأكثر ملازمة لمرحلة الشيخوخة، خاصة مع عدم قدرة النبات على الامتصاص الجذري، أو الورقي.
ويشير الخبراء إلى أن النبات لا يمكنه الامتصاص نهائيا في درجات الحرارة التي تزيد على 32 درجة مئوية، كما أن عمليات البناء لا تتم إلا دون هذه الدرجات وفي وجود الضوء، وهو مالم يتوافر للنبات إلا في الساعات من الشروق من الخامسة والنصف صباحا (20 درجة مئوية)، وحتى التاسعة والنصف صباحا (32.5 درجة مئوية).
ولا يجد الخبراء علاجا لهذه الحالة، سوى معاملة النباتات بالمواد المضادة للإجهاد الحراري، مثل: حامض البرولين، حامض الإسكوربيك، وحامض السيتريك، وجميعها يقاوم إفراز الإيثيلين.
كما ينصح الخبير المهندس الباز عبد العليم، بضرورة تطويش القمم النامية في العنب تحديدا، وذلك لوقف توجيه النبات مخزونه من الكربوهيدرات تجاه القمم النامية، على حساب الشماريخ الزهرية والثمار.
الماشية تتضرر أيضا
ويبلغ الضرر في الماشية أقصاه بارتفاع درجات الحرارة في بيئة تربية الأبقار والجاموس، سواء لأغراض إنتاج الألبان، أو اللحوم، وذلك بسبب ما يُعرف بحالة الإجهاد الحراري، والاحتباس الحراري داخل جسم الحيوان.
وقال الدكتور حامد الأقنص الخبير البيطري، واستشاري المزارع الكبرى، إن تهوية عنابر قطعان الماشية وترطيبها صيفا، من أهم المؤثرات الإيجابية في تحقيق المعدلات الاقتصادية المستهدفة.
وأضاف الأقنص في تصريح خاص لموقع "الأرض"، إن لكل نوع من الماشية درجة تحمل تختلف حسب بيئته، واستعداده الوراثي، "لكن بشكل عام، يجب ألا تزيد. وجة حرارة عنابر التربية - الحلاب أو التسمين، عما يتراوح بين 18 و21 درجة مئوية، حتى لا يتأثر إنتاج اللبن، ومعدل تحويل اللحم".
وأوضح الأقنص أن ارتفاع درجات الحرارة عن المعدل الذي يفوق تحمل الماشية، يتسبب في خفض إدرار اللبن بنسبة قد تصل إلى 60٪، في الهولستين والفريزين، كما أن معدل تحويل اللحم يتأثر سلبا، بسبب عزوف الماشية عن الأكل، و"وقد لا يعود إلى طبيعته قبل أسبوع من إزالة مسببات الإجهاد الحراري".
وفي حالة ارتفاع درجات الحرارة في بيئة تربية الماشية عن الحد الحرج، والحديث للدكتور حامد الأقنص، يتجه جسم الماشية إلى الهدم، أي حرق المخزون ليعينه على الحياة، وبالتالي يتراجع الوزن، "وقد يصاب الحيوان بأمراض، أهمها ضربة الشمس".
وينصح الأقنص بضرورة توفير وسائل ترطيب العنابر أو الحظائر، واستخدام الماء بالطرق التقليدية، في حالة عدم توافر أنابيب الرزاز "ميسد"، حتى لا يتعرض الحيوان لسوء التنفس، ومن علاماته اللهاث، وارتفاع معدل التنفس، ما يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الجسم، والتوقف عن الأكل.
ومن مخاطر التوقف عن الأكل، وفقا للدكتور الأقنص، نقص عناصر الصوديوم، والبوتاسيوم، والماغنسيوم في جسم الحيوان، وبالتالي إحداث الخلل في انتقال الماء عبر أنسجة اللحم والدهن، مما يؤثر سلبا على الوزن الاقتصادي المستهدف، أو معدلات إدرار اللبن.
تجارب بحثية جديدة
الدكتور محمد بكر مدرس تغذية الحيوان بكلية الزراعة - جامعة القاهرة، والمحاضر الدولي في مجال تغذية الحيوان، واستشاري مصنع "أعلاف الوطنية" للماشية، أكد في تصريح خاص بموقع "الأرض"، أن نوع الغذاء وأسلوب تقديمه للحيوان، أصبح من عوامل التحكم في الإجهاد الحراري، أو زيادته.
ويشرح بكر هذا الحديث بقوله إن هناك حرارة أخرى موازية لحرارة الجو، وهي الناتجة عن التمثيل الغذائي للحيوان، وهي التي يمكن التحكم فيها بعدة طرق، منها: ترطيب العليقة الجافة صيفا، إما آليا بالميكسر داخل المزرعة، أو يدويا برش العليقة برزاز الماء وتقليبه جيدا، وذلك لتوفير محتوى رطوبي يخفِّض الطاقة الناتجة عن التمثيل الغذائي.
وأضاف البكر أن استخدام بعض المواد المضافة إلى العلائق، أو استخدام البدائل لتركيز نسب البروتين والدهون، وذلك بتقديمه "محميا"، حتى لا تختزن الطاقة الناتجة عنه في صورة لحوم، بدلا من ترجمتها في احتباس حراري يتسبب في مشاكل كثيرة، أهمها العزوف عن الأكل.
وتوصل البكر من خلال البحث الدائم إلى أن فيتامين "سي"، يرفع درجة تحمل الماشية للحرارة، "لكن الأبقار الحلوبة عادة تفرز فيتامين سي يكفيها لتحمل حتى 36 درجة مئوية، وبالتالي تم التوصل إلى طريقتين لرفع فيتامين "سي" عن المتولد طبيعيا، في الأبقار الحلابة، إما بإضافته "محميا" حتى لا يتكسر في معدة الحيوان، أو إضافة "تفل" عصير البرتقال لغناه بفيتامين "سي".