التحول الرقمي .... بالقانون
إن القانون احد الاساسيات التي ترتبط بوجود المجتمع فهو مجموعة القواعد التي تنظم و توجه سلوك الأفراد في المجتمع الواحد بما يحوي من قواعد تحكم سلوك الأفراد حكماً ملزماً بقصد إقامة نظام ثابت و مستقر لهذا المجتمع.
و من هنا يتحدد مفهوم القانون الوضعي في المكان و الزمان على السواء ، فهو يختلف باختلاف المجتمعات ، كما أنه قابل للتطوير والتغير والتبديل من زمان إلى آخر في نطاق المجتمع الواحد في الوقت ذاته . و هكذا يقال على سبيل المثال القانون الوضعي المصري ،أو القانون الوضعي الفرنسي .
وفي ظل وجود التقدم العلمي و التكنولوجي المذهل والسريع في العصر الحديث والذي يفتح آفاقا ضخمة أمام تقدم البشرية و تحقيق مستوى أفضل للحياة البشرية، لكنه يحمل بين طياته مخاطر ضخمة تهدد قيم و حقوق و أمن الأفراد و الجماعة.
نتيجة لذلك فقد بدت الحاجة ماسة لمواجهة تلك المخاطر والتغيرات، و لذا كان أهم دروع مواجهة تلك المخاطر هو القانون الذي يعد أقدس مهامه وضع الصيغ الملائمة للإستفادة من التقدم العلمي، دون المساس بالقيم و الحقوق و الحريات الأساسية للأفراد، فكان من الأهمية وجود الضوابط القانونية التي يعمل في إطارها التطور التكنولوجي و بدون هذه الضوابط يصبح التقدم العلمي طامة كبرى على المجتمع و حقوق و أمن المواطنين.
وأذ نشهد الأن بداية موجه جديدة من موجات التحول الرقمي في العالم، فقد أدى التطور المتلاحق
للتكنولوجيا والتغير الدوري للمناخ العالمي إلى استحداث وابتكار تقنيات جديدة ساعدت
في تيسير حياة الفرد في المجتمع، فأصبح بإمكانك إنهاء العديد من الأعمال التي كانت تتطلب
الكثير من الوقت والجهد فعليك فقط تحريك بعضاً من أصابعك لتحصل علي خدمة او تنجز عملا كان يستغرق فالسابق ساعات او أيام أو بضع شهور.
والأن تتسابق الحكومات في تطوير أنظمتها الإدارية وخدماتها بإستخدام التكنولوجيا لتيسير حياة
مواطنيها فظهر ما يسمى بالحكومة الذكية أو الالكترونية أو الأدارة الألكترونية للمرافق العامة.
فظهرت التحديات القانونية وأهمية مواجهتها من أجل تطوير المنظومة القانونية في الدولة، بحيث يفرض على المتخصصين مواكبة الجديد في عالم التقنيات الرقمية، وبيان مدى فعالية القواعد القانونية العامة في مواجهة هذه القضايا والتحديات، والحاجة إلى اقتراح مقاربات تشريعية وتقنية، مواكبةً للثورة التكنولوجية والتطور التقني في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
ومع التطوّرات الكبرى في مجال التكنولوجيا الرقمية، التي فرضت آفاقاً واسعة من التطبيقات القانونية، سواء على صعيد الحكومة الالكترونية في نشاط الإدارة العامة، أو في ميادين معاملات القطاع الخاص. فعلي سبيل المثال أصبحت جميع المعاملات المصرفية تؤَدّى بنكياً من خلال البَرْمجيّات الالكترونية، بل وخرجت تلك المعاملات من المقرّات البنكية، إلى إجرائها في فضاء الشبكة العنكبوتية، ثم دخلت بعد ذلك إلى تطبيقات الهواتف الذكية، وأخيراً ظهرت النقود الرقمية، مثلما تكوّنت ظاهرة الجرائم الالكترونية، وتألّفت لها عصابات متخصصة في ارتكاب جريمة القرصنة في اختراق المواقع الالكترونية أو هدمها لأغراضٍ إجرامية متنوّعة على شتّى الأصعدة الأمر الذي أوجب على المشتغلين بهندسة الحواسب الآلية زيادة تحصين تلك المواقع.
فكما تتسارع التكنولوجيا بخطواتها نحو المواطن والدولة وجب علي القانون ورجاله التسارع نحو حماية حقوق الفرد والدولة من مجرمي التكنولوجيا ومخربي المجتمع الرقمي وجعله أمن من خلال سن القوانين المجرمة لكل تعدي علي الحقوق والحريات الرقمية .
دكتورة / دينا أحمد علي
باحث بمركز بحوث الصحراء
شعبة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية