علاج متلازمة ارتشاح الأمعاء بالتغذية العلاجية
كنا قد تحدثنا في المقال السابق عن ارتباط متلازمة الأمعاء المتسربة" leaky Gut Syndrome " بكثير من المشاكل الصحية في الجهاز الهضمي والتنفسي والعصبي والحركي وكذلك في الجلد.
وقد أشرنا إلى صعوبة تشخيص هذه المتلازمة لتشابه أعراضها والتي من أهمها متلازمة التعب المزمن مع كثير من الأمراض، فضلا عن أنها مازلت تحتاج إلى العديد من الأبحاث، مما يفسر عدم وجود علاج محدد لها إلى الآن.
والعلاج الدوائى المتوفر علاج عام لالتهابات الأمعاء مثل الكورتيزون بأضراره المعروفة أو علاج القولون العصبي أو بعض المضادات الحيوية، أو علاج الأعراض، ولم تثبت فعاليتها في علاج المتلازمة.
وأثبتت الدراسات أن العناية بالجهاز الهضمي عن طريق التغذية العلاجية هي الوسيلة الفعالة للوقاية من ارتشاح الأمعاء نتيجة اتساع فجوات جدرانها أو لترميمها إن أُتلفت بالغذاء الغير صحي.
والتغذية العلاجية تتضمن النظام الغذائي المتوازن الصحي الذي يوفر العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن الهامة اللازمة لصحة أنسجة الجسم بشكل عام والجهاز الهضمي بشكل خاص، كذلك نمط الحياة الصحي وممارسة الرياضة لتحسين أداء أجهزة الجسم وضبط هرموناته.
ولسلامة الجهاز الهضمي، لابد من إعادة التوازن لنظام الميكروبيوم في الأمعاء، بحيت تصبح البكتيريا النافعة" البروبيوتيك" هي السائدة عن تلك الضارة، وذلك بتجنب الأطعمة التي تحتوي على المواد الحافظة والألوان الصناعية والإقلال من السكر الظاهر وذلك الخفي الموجود في الدقيق الأبيض والعصائر الجاهزة والمشروبات الغازية، وكذلك تجنب الدهون المهدرجة الموجودة في الوجبات السريعة، وتجنب الأطعمة المسببة للحساسية للشخص، كلٌ حسب حالته كالجلوتين الموجود في القمح ومشتقاته أو اللاكتوز الموجود في الألبان ومنتجاتها.
ولدعم البكتيريا النافعة لابد من تناول الأطعمة المتخمرة كاللبن الرايب والزبادي، كذلك المخللات وخاصة مخلل الكرنب واللفت شريطةً تخليلها في المنزل.
ويُعَد الكولاجين اللازم لسلامة وقوة ومرونة النسيج الضامي للجسم عاملاً أساسياً لإعادة بناء الحاجز المعوي التالف، ومن أهم مصادره شوربة العظام، البيض، المشروم والبروكلي.
كما تلعب الدهون الصحية، وخاصة الأوميجا ٣ دوراً هاماً في علاج أنسجة الأمعاء، ومن أهم مصادرها الأسماك الدهنية مثل الماكرين والسلمون والمكسرات النية الغير مملحة.
ويجب الحرص على تناول الفيتامينات والمعادن الهامة التي تسهم في العلاج مثل فيتامين "د"، وتعد الشمس أهم مصادره كذلك يوجد في البيض والأسماك، ومعدن الزنك الموجود في اللحوم والبقول والحبوب الكاملة والمكسرات.
ووفقاً لدراسة نشرتها المجلة الدولية للعلوم الجزيئية في فسيولوجيا الأمعاء، يعتبر الجلوتامين "أحد الأحماض الأمينية" علاجاً فعالاً لحماية نسيج الأمعاء وإعادة بناء الخلايا وتقليل الالتهابات المسببة للمتلازمة، وهو متوفر بكثرة في اللحم البقري والأسماك والدجاج ومنتجات الألبان وعصير الخضار والسبانخ والشمندر وبراعم بروكسل والبقدونس والكرفس والملفوف والجزر والفاصوليا والأأطعمة المخمرة.
وهناك مكملات غذائية تحتوي على الجلوتامين لكن لابد من تناولها تحت إشراف طبي في حالة نقصها لدى المصاب بالأمعاء المتسربة.
هذا ولكي يستفيد الجسم من الغذاء الصحي المتوازن لابد وأن يحصل على القدر الكافي من النوم ليلاً لمدة لا تقل عن ٧-٨ ساعات، مما يساعد على تحسين أداء الجهاز الهضمي، كذلك ممارسة الرياضة وخاصة المشي لمدة لا تقل عن ٣٠ دقيقة يومياً، مما يساعد على التخلص من التوتر، فضلاً عن نزول الوزن الزائد الذي يسهم في زيادة حالة الالتهاب في الجسم.
والخلاصة، ووفقاً للأبحاث فإن كل أمراض العصر سببها السلوكيات الغذائية الخاطئة ونمط الحياة الغير صحي، وكلها عادات دخيلة علينا، أخذناها من العالم الغربي دون أن نأخذ معها الأشياء الإيجابية لديه.
فالجهاز الهضمي فيه داؤنا وفيه دواؤنا أيضاً.
استشارية طب الأطفال والتغذية العلاجية.