الأرض
الخميس 21 نوفمبر 2024 مـ 10:36 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

صناعة الزيتون إلى أين؟

كان حصاد الزيتون عام 2019 أعلى بقليل من المتوسط لوحدة الفدان ثم تلى ذلك 3 مواسم عجاف بما فيهم الموسم الحالى 2022 مما سبب معاناة شديدة لمزارعي الزيتون ولمجمل الصناعة للعام الرابع على التوالي

العام الحالى حاسم ومفصلي لمستقبل صناعة الزيتون٬ فإما أن تدخل الصناعة مرحلة تعافى تدريجى بخطط قائمه على العلم ويشارك فى وضعها وتنفيذها أصحاب المصلحة مجتمعين أو أن تضيع الصناعة من بين أيدينا بخطى متسارعة.

هذه الورقة قد يتفق أو يختلف عليها الكثيرون وهى بعيدة عن التشاؤم أو التفاؤل وليست بصدد طرح حلول أو الإجابة على أسئلة قد يتم تناولها فيها لأن ذلك يتطلب مشاركة كل أصحاب المصلحة.

الورقه تُمهد الطريق من خلال عصف ذهنى قد ينتج عنه الخروج بمعالجة وخطة طريق يتفق عليها الجميع تتسم بالواقعية، بعيدا عن أنانية المصالح الضيقة لفصيل على حساب آخرين٬ وهو ما عانت منه الصناعة على مدار عقود. من الممكن الوصول لذلك من خلال تعريف الوضع الحالى وإستشراف ما نحن مقدمون عليه من مشاكل. البنود التالية غير مرتبه بأهميتها لأن كلها على نفس القدر من الأهمية ولذا تم وضع رؤوس الموضوعات فى شكل أحجيه.

وفى حال وصول مشاركات تساهم فى وضع خطة عاجلة، نرشح المهندس محمد عبد اللطيف بتجميعها وتنقيحها للخروج بهذه الخطه العاجله.

1- تم إستنزاف المزارعين ماديًا خلال هذه السنوات العجاف بحيث أصبح الكثيرين منهم غير قادر على الإنفاق على مزارعهم خاصة مع الإرتفاع الجنونى وغير المسبوق فى أسعار الطاقة والأسمدة والمخصبات والمبيدات وكذلك لسداد ما عليهم من أقساط مغالى فيها لتقنين أراضيهم. هذا الوضع سينعكس بالسلب على مجمل إنتاج الدولة من الزيتون فى السنوات القادمة فماذا نحن فاعلون؟.


2- هل أصبح تقنين مصروفات المزارع ضرورة حتميه؟ وهل يمكن العودة لبرامج التسميد غير المعقده البسيطه التى كانت تطبق فى الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى والتى لا يمكن بحال إنكار مردودها على كثافة المحصول التى لم نراها خلال عقدين فى الألفيه الجديده إلا فى سنوات نادرة مع برامج تسميد تتطور يومًا بعد يوم لتشتمل على العديد من الهرمونات ومركبات معالجة الملوحة ومركبات الحماية من الإجهاد ومركبات تثبت الزهر وتثبيت العقد وغيرها؟


3- خلال العشرون سنة الماضية وبزياده سنوية متدرجة تم تأجير العشرات ثم المئات من المزارع لتصل مساحاتها لألآف الأفدنة٬ ونظرًا لغياب أى إحصائيات مدققة تخص زراعات الزيتون٬ فهذه المساحات ربما تصل كنسبة من مجمل المساحه المنزرعه لنحو 20% أو أكثر. هذه المزارع تم تأجيرها للغير إما لعدم قدرة أصحابها على الإنفاق أولضيق وقتهم أو للسببين مجتمعين. العام الماضى وكنتيجة لزيادة النفقات عن الإيرادات بدأ بعض المستأجرين فى إعادة تلك المزارع لأصحابها ومن المتوقع أن هذه الظاهره ستتنامى بشده فى الموسم الحالى٬ وحيث أن أسباب ودوافع التأجير ستظل فى الغالب قائمة٬ فهذة المزارع مهددة بأن يسوء وضعها٬ وهذا لن ينعكس على أصحابها فقط ولكن على تردى مجمل إنتاج القطاع وإحتمال أن تصبح هذه المزارع بؤر لنشر الأفات والأمراض والأعشاب الضاره لما حولها من مساحات منزرعه بالزيتون.


4- ما هو مصير عشرات الألآف من العمال الذين يحصدون محصول الزيتون والعمالة الدائمة بالمزارع؟

5-عشرات الألآف من المساحات المنزرعة زيتونًا لم تقننها الدولة فما مصيرها؟ مع الأخذ بعين الإعتبار الأسعار المغالى فيها. وهل ما يقال عن إزالات لمزارع زيتون بنطاق الدلتا الجديده صحيح؟ وإن كان صحيحًا فلماذا لا تقنن الدوله أوضاعهم لأن الإزالة تعنى إهدار إستثمارات بالملايين؟

6-قلة المحصول هذا الموسم لمرة أخرى قد يترتب عليه وقوع بعض شركات زيتون المائده فى مشاكل تهدد إستمرارهم فى الإنتاج. معاناتهم الشديده خلال الموسم الماضى كانت واضحة من خلال مخاطبتهم وزيرة الصناعة والتجارة بمجموعة من الطلبات من أهمها إعادة جدولة مديونيات القروض والإعفاء من الأعباء والضرائب. وتم جزئيًا حل النقص فى الزيتون الخام لأن البعض منهم إستورد كميات بالكاد تكفى لتغطية جزء من إلتزاماتهم قبل عملائهم وخاصة المستوردون. مع الوضع الحالى وإتجاه الدوله لتقنين الإستيراد ووضع قائمة أولويات٬ من الصعب أن يكون الزيتون الخام من ضمنها٬ ومن ثم سيصبح نشاط بعض هذه المصانع فى مهب الريح مما يعرضها لإيقاف النشاط تمامًا بصورة أو بأخرى وهذا خطر داهم يهدد مجمل الصناعة وخاصة القاعده الزراعيه العريضه. فماذا هم فاعلون؟

7- مع تكرار ندرة المحصول هل آن الأوان أن تتجه الصناعة لتصدير زيتون المائده بقيمة مضافه فى عبوات للمستهلك عوضا عن تصدير الجملة فى براميل وبثمن بخس مقابل دراهم معدوده يتحمل المزارع وحده فرق إنخفاض الإيرادات كنتيجه حتميه لسياسه إحتكاريه فى شراء المحصول؟ بالتأكيد إن صادرات القيمه المضافه سينعكس إيجابيا على الجميع وخاصة على دخل المزارع المنهوب على مدار عقود وسيزداد دخل الدولة من العملة الصعبة.

8-لسنوات طال دأب بعض معبئى زيت الزيتون على إستيراد زيت زيتون جمله (بلك) وتعبئته وتسويقه على أنه إنتاج مصرى وبالتأكيد وتماشيًا مع سياسة الدوله سيتوقف الإستيراد فماذا هم فاعلون؟ وهل ستقوم الدولة بتخصيص عملة صعبة لإستيراد زيت زيتون أم لإستيراد زيت عباد شمس ونخيل وصويا؟ من الأسباب الرئيسيه لوقف الإستيراد أن دولًا كثيره منتجة لزيت الزيتون ستحجم عن تصديره نتيجة للأزمة العالمية الطاحنة فى الزيوت النباتية٬ فضلًا عن الوضع الحرج لمحصول هذا العام فى الدول المنتجه وعلى رأسها أسبانيا وتونس.
9-المتوقع نتيجة للوضع السابق إرتفاع أسعار الإنتاج المحلى لزيت الزيتون البكر إكسترا والبكر فى أسواق الجمله والتجزئه وكذلك إختفاء زيت الزيتون المعبأ المستورد من على الأرفف. والسؤال: هل نحن مستعدون لملأ هذا الفراغ؟
10- فى نفس السياق السابق فمن خلال المتداول على وسائل التواصل الإجتماعى هناك إتجاه من بعض المزارعين لعصر ما لديهم من أصناف زيتية٬ فهل هم مستعدون لذلك؟ هل سيتم بيع الثمار للمعاصر مباشرة؟ أم سيعصر كل مزارع محصوله ويعبأه فى جراكن بلاستيك أو صفائح ويحتفظ به فى مزرعتة؟ هل الموضوع محتاج دراسه ووعى بأبعاده؟
11-إنعكاسًا للمحصول القليل٬ هل ينوى المزارعون أن يكون لهم صوت جمعى فى تحديد الأسعار؟ وهل ينوى البعض منهم ممن دأبوا على بيع إنتاجهم كلاله فى أن يخوضوا تجربة الحصاد بأنفسهم لزيادة العائد؟ وعليهم أن يتذكروا أن الزيتون ليس من الخضراوات التى تفسد إذا لم تُسوق بسرعه. هو فاكهه لا تحتاج لحفظها للتبريد مثل التفاح أو الموز ولكنها تُحفظ وتُعصر بوسائل بسيطه ويُمكن تسويقها على مدار السنه وأكثر. ومن الأمثال القديمه فى هذا الصدد: "خلى الزيت فى جراره لتجيك أسعاره".

م. محمد الخولي*

* خبير دولي في مجال الزيتون

موضوعات متعلقة