مع الحاكم أم ضده .. المعادلة الغائبة
حينما تكون مؤيدا لكل الحكام الذين تعاقبوا على مصر في مراحل عمرك، فهل تكون "متلون"؟
- من وجهة نظري، أن الإنسان الإيجابي يجب أن يكون مواكبا للتغيرات السياسية، سواء الإقليمية أو العالمية، ومتابعا لأثر التغيرات اقتصاديا واجتماعيا على بلده.
- يحق لك كمصري أن تكون مع الكل، بشروط:
* أن تقول لعبد الناصر إنك أخطأت في حرب اليمن، وتأميم بعض الشركات الخاصة، وتفتيت الحيازة الزراعية من باب تمليك المحرومين، حيث كانت الشركات المساهمة المصرية هي البديل الآمن لتملك الأسهم وتوريثها، بدلا من التفتيت الذي أضاع الأرض الزراعية بعد أن تحولت مع تعاقب الأجيال إلى ملكيات بالمتر، وليس بالقيراط أو الفدان.
* أن تقول للسادات إنك اجتهدت لترسيخ خطة طموحة للتنمية الشاملة، على خلفية سلام دائم في المنطقة مع الكيان الصهيوني، لكنك أجهزت على قلاع الصناعة المصرية التي أسسها عبد الناصر، بسياسة الانفتاح الاقتصادي، التي لم تلجأ إليها سوريا، ووصلت إلى حد الاكتفاء الذاتي والتصدير من الصناعة والزراعة، حتى باتت هدفا للطامعين فدمروها.
* أن تقول لمبارك، حافظت على حدود مصر وترابها ومياهها، ظنا منك كرجل عسكري وطني أن الأمن القومي يتجسد في التراب والمياه فقط، لكنك اجتهدت في العقد الأول من حكمك لهدم خطى السادات في التنمية، وبلغت التوازن السياسي في عقدك الثاني فدمرت الصحة والتعليم والقيم الاجتماعية، وأزعنت لأمر زوجتك في العقد الثالث بتسليم زمام البلاد والعباد لابنك وصحبته، فباعو أكباد مصر وكُلاها، حتى يطعموا أهلها البرجر.
* وتقول لمرسي، إنك أهدرت فرصة تداول السلطة، و"تسليمها" لمدني بدرجة "عالِم"، ولعلمك بأنك لست الفائز في انتخابات الرئاسة، وأن تسليمك السلطة كان خيارا استراتيجيا للحفاظ على مصر من أسلحة جماعتك، فلم تجتهد في تنفيذ برنامج رئاسي مدني لكل المصريين، بل ظللت عضوا في جماعة، وسلمت أمر البلاد والعباد لمكتب الإرشاد، الذي بدوره وزع الكعكة على المتدربين والمراهقين والحالمين بالترقي في صفوف الجماعة.
* وأن تقول بكل شجاعة للسيسي:
- أنت رجل وطني قبلت الأمانة، لكنك تحتاج دراسة "فقه الأولويات"، فشعبك مثل كل الشعوب، يكره الصيام خارج حدود الفروض والنوافل، شرط أن يكون الصوم نصف ساعات اليوم، ونصفه الآخر عامر بالمأكولات الدسمة والعصائر والحلويات.
- أن تقول للسيسي، أغلق فورا خطة "المليون ونصف المليون فدان"، والبديل هو إصدار قرار جمهوري بمهلة ١٢ شهرا لمن "يملك" قطعة أرض صحراوية، فإن زرعها، فاز باستمرار ملكيته لها وحاز عقدها النهائي، وإلم يزرعها سحبت منه بالقوة، ليعاد طرحها في مزاد علني بالسعر العادل، وليحصل المشتري الجديد على المهلة ذاتها "سنة جديدة".
- وليشمل القرار أيضا واضعي اليد على مساحات شاسعة، منزرعة، وغير منزرعة، فإن زرعها فاز بملكيتها بسعر عادل كحق للدولة في أراضي الأجيال المقبلة، وإلم يزرعها، أو يمتثل للتقنين "شرط السعر العادل"، سحبت منه بما عليها من أشكال وضع اليد، سواء بنية تحتية أو مبان، أو زراعات.
* هذا القرار سوف يضيف للرقعة الزراعية أكثر من مليوني فدان موزعة بالبيع "ملك"، ومتروكة للتسقيع في جميع صحاري مصر، ولخزينة الدولة نحو ٦٠ مليار جنيه، ثمن ثلاثة ملايين فدان وضع يد منزرعة زراعات جادة، ومع القرار سوف يُجبٓر القادرون على الزراعة، وسيضطر غير القادرين لطرح أراضيهم للبيع، وبالتالي تنخفض الأسعار مع زيادة العرض، لتتحرك عجلة التنمية في قطاع الزراعة.
- أن تقول للسيسي إن المواطن الذي ينظر بعين التفاؤل لخريطة المشاريع القومية العملاقة، يرى ترهلا محبطا في أداء الحكومة، حتى أصبحت جرعات اللحوم والدواجن التي تؤمنها القوات المسلحة للشعب، غير كافية لسد الفجوة الغذائية، والبديل متوافر، ويتجسد في النهوض بصناعة الإنتاج الحيواني والداجني في مصر، من خلال رسم الخريطة الوبائية، وإحياء زراعة القطن (نسيج وزيت وعلف) وإنشاء مصانع وطنية للقاحات والأمصال، كبدائل للمستوردة التي إما تفسد بالانتظار في الموانئ، أو لا تناسب الفيروسات المتوطنة في البيئة المصرية، وبذلك تعود مصر لإنتاج بذرة قطن كافية لاستخلاص زيت الطعام الذي تستورد مصر منه ٩٥٪� من احتياجاتها، ثم صناعة الكُسب لإحياء مشاريع البتلو، وتنمية قطاع الإنتاج الحيواني، ثم إعادة مصر للاكتفاء الذاتي من الدواجن والتصدير، أي إلى ما قبل ٢٠٠٦.
- أن تقول للسيسي أيضا إن البرامج الوطنية لترشيد الإنفاق، يجب ألا يتحملها الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى فقط، بل يجب إلزام الوزارات والهيئات والشركات الحكومية، بغلق منافذ الهدر، حيث المكيفات والأضواء المفتوحة ليل نهار في الأروقة والمكاتب والصالات المغلقة، وصنابير المياه وسايفونات الحمامات التي تهدر المياه في الصرف، دونما حساب.
- أن تقول للسيسي إن رسوم الطرق الجديدة فرض وطني لضمان صون هذه الطرق للأجيال المقبلة، لكن من الضروري تخفيض رسوم المرور لسيارات نقل الأسمدة والمعدات الزراعية، وكل ما يخدم الزراعة في الصحراء.
- أن تقول للسيسي بكل شجاعة: إن مصر لا تحتاج عاصمة إدارية جديدة في هذه المرحلة، لكنها تحتاج عشر مجمعات صناعية لتعظيم القيمة المُضافة لخاماتنا، على غرار مجمع البتروكيماويات الذي افتتحته قبل أيام في الإسكندرية.
** ليس نهاية:
- لن تكون مع الحاكم بالتصفيق فقط، ولا بالدعاء بالتوفيق فقط، ولن تكون ضد الحاكم بإبداء الرأي وفقا للأصول والمناهج .. النقد وليس الانتقاد.
- الحاكم الوطني هو الأولى بإسداء النصح، وإهداء الأفكار المنيرة.