السعودية تضاعف إنتاج الدواجن لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي
نجحت المملكة العربية السعودية، إحدى أكثر الدول حرارة وجفافا في العالم، في مضاعفة إنتاجها من الدواجن خلال العقد الماضي، ضمن جهودها لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وتستورد السعودية حاليا نحو 80% من احتياجاتها الغذائية، ما يثير القلق بشأن استقرار الإمدادات في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وانتشار الأمراض الحيوانية المعدية واضطرابات سلاسل التوريد. ومن هنا، تولي المملكة اهتماما خاصا بتنمية قطاع الدواجن، حيث تم تخصيص 17 مليار ريال (ما يعادل 440 مليار روبل) لدعمه ضمن رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط عبر تطوير قطاعات مثل السياحة، وصناعة السيارات، وأشباه الموصلات.
استثمار ضخم في إنتاج الدواجن
في قلب صحراء الدهناء، حيث تصل درجات الحرارة صيفا إلى 50 درجة مئوية، تتصدر مدينة شقراء جهود المملكة في تربية الدواجن. وفي هذه المنطقة النائية، تقوم شركة تنمية للأغذية بتشغيل مصنع حديث يعالج حوالي 150 ألف طائر يوميا، لتزويد سلاسل مطاعم عالمية مثل ماكدونالدز، بوبايز، وصب واي.
ولا تقتصر الاستثمارات على الإنتاج المحلي، إذ تتوسع السعودية خارجيا عبر ضخ استثمارات في شركات عالمية مثل BRF SA البرازيلية وMHP SE الأوكرانية، بالإضافة إلى الاستحواذ على أصول زراعية في الولايات المتحدة، مثل الأراضي الزراعية في ولايتي أريزونا وكاليفورنيا. كما أعلنت شركة تنمية عن تعاونها مع معهد تشنغدو للتصميم والأبحاث الصيني لبناء 100 مزرعة دواجن جديدة في أنحاء المملكة.
تحولات في الاستهلاك المحلي
يعد الدجاج أكثر أنواع اللحوم استهلاكا في المملكة، حيث يتجاوز الطلب السنوي 1.5 مليون طن، مدفوعا بنمو الطبقة المتوسطة. وتتصدر سلاسل مطاعم محلية مثل البيك مشهد الاستهلاك، مع تسجيل معدل نمو سنوي لقطاع الدواجن يبلغ 6%، ما يجعل السعودية من بين أسرع الأسواق نموا عالميا، وفقا لتقديرات جيرا.
ويفضل المستهلكون السعوديون الدجاج الكامل، الذي يزن حوالي 1.3 كجم، لاستخدامه في الأطباق التقليدية مثل الكبسة والمظبي، وهو حجم أقل من نظيره الأمريكي أو الأوروبي. ومع ذلك، فإن التحولات الاجتماعية، مثل دخول المزيد من النساء إلى سوق العمل، أدت إلى زيادة الطلب على المنتجات السهلة التحضير. استجابة لذلك، طرحت BRF مجموعة منتجات Easy and Juicy، التي تتضمن شرائح ومكعبات دجاج متبلة مسبقا يمكن طهيها خلال 10 دقائق فقط.
قفزة إنتاجية وتقنيات حديثة
حققت السعودية رقما قياسيا في إنتاج الدواجن، حيث وصلت الكمية المنتجة إلى 558 ألف طن في النصف الأول من عام 2024، بزيادة 9% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويعزى هذا النجاح إلى تحسين تقنيات التربية، حيث انخفض معدل نفوق الدواجن من 20% قبل عقد من الزمن إلى أقل من 4% حاليا، وهو المعدل القياسي للمزارعين المحليين المتعاقدين مع تنمية.
وفي إطار استراتيجيتها لتطوير قطاع الدواجن، تعمل تنمية مع شركة تايسون فودز الأمريكية لإنشاء علامة تجارية عالمية جديدة. ومن المتوقع أن يسهم هذا التوجه في تقليل اعتماد المملكة على واردات اللحوم، مما قد يؤثر على حجم الصادرات القادمة من دول مثل البرازيل وأوكرانيا.
وفي المقابل، من المرجح أن تعزز السعودية وارداتها من فول الصويا، الذرة، والحبوب الأخرى لدعم تغذية الدواجن، بما يضمن استمرار تنمية القطاع محليا وعالميا.