الجنيه الإسترليني في انتظار المزيد من أخبار محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
تدخل المحادثات التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في مرحلة حرجة مع اقتراب الموعد النهائي لانفصال المملكة المتحدة نهائيًا وخروجها من الاتحاد الأوروبي بنهاية العام،حيث يستمر فشل المفاوضون في تسوية الخلافات بشأن حفنة من القضايا الشائكة الرئيسية، حتي أن اجتماع رئيس الوزراء "بوريس جونسون" في بروكسل الأسبوع الماضي على أمل إنقاذ صفقة اللحظة الأخيرة لم يسفر عن جديد.
تشير القيمة الحالية للجنيه الاسترليني في سوق تداول الفوركس إلى أن السوق لا يزال متفائل بإمكانية التوصل إلى شكل من أشكال الاتفاق الذي يتجنب سيناريو أسوأ الحالات وهو الخروج الفوضوي، وتشير أغلب توقعات الخبراء أن الصفقة المجردة هي الأكثر احتمالًا والتي سيتم اجراؤها في اللحظات الأخيرة.
تمديد المفاوضات وسط آمال التوصل لاتفاق
اتفق قادة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن المفاوضات يجب أن تستمر، وبالرغم من ذلك لا تزال التوقعات بالخروج دون صفقة هي النتيجة الأكثر ترجيحًا في 31 ديسمبر.
فشلت محادثات "بوريس جونسون" مع رئيسة المفوضية الأوروبية في تحقيق انفراجةالأسبوع الماضي، لكنهم اتفقوا بالأمس الأحد 13 ديسمبر على مواصلة المفاوضات قبل 31 ديسمبر، لم يتم إحراز أي تقدم بشأن النقاط العالقة الرئيسية لكن التمديد يوفر الأمل في أنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق حتى لو كان ضعيفًا.
ومع ذلك، قال رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" إن عدم التوصل إلى اتفاق ما زال النتيجة الأكثر ترجيحًا، يمكن أن يجد الجنيه الإسترليني دعمًا قصير الأجل مع إحياء الآمال في التوصل إلى اتفاق، لكنه سيظل تحت الضغط والتقلب معالاحتمالاتبعدم التوصل إلى اتفاق في نهاية العام.
المحادثات تقطع شوطا إضافيا
لقد حان موعد نهائي آخر وذهب، ومع ذلك نجد بريطانيا والاتحاد الأوروبي في نفس الموقف بالضبط كما كان قبل أسبوع، تم تكليف المفاوضين بحل الأزمة هذا الأسبوع وفشلوا، لكنهم أعطوا كلا الجانبين سببًا للاعتقاد بإمكانية الاتفاق على صفقة في الفترة الزمنية القصيرة المتبقية، أجرى رئيس الوزراء "بوريس جونسون" ورئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين"مكالمة هاتفية يوم الأحد واتفقا على تمديد المحادثات.
قرار مواصلة التفاوض غير مفاجئ، سيكون من غير المنطقي أن ينسحب أي من الجانبين طالما أن هناك وقتًا للمحادثات، لكن التمديد لا يعني أنه يتم إحراز تقدم، بل إنه لا يزال هناك أمل واستعداد لكلا الجانبين على التوصل لاتفاق، في نفس الوقت فإن التفاؤل يتضاءل بسرعة مع بدء العد التنازلي لنهاية الفترة الانتقالية في 31 ديسمبر، قال جونسون بعد فترة وجيزة من إصدار البيان المشتركأننا لا زلنا بعيدين للغاية من بعض القضايا الرئيسية والشيء الأكثر ترجيحًا الآن هو أنه يجب علينا الاستعداد لشروط منظمة التجارة العالمية.
هناك ثلاث قضايا خلاف رئيسية هم الوصول إلى مياه الصيد وكيفية إدارة أي نزاعات مستقبلية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وكيفية الحفاظ على تكافؤ الفرص بين الجانبين.
المسألة الأخيرة شائكة بشكل خاص، يخشى الاتحاد الأوروبي من أن المملكة المتحدة قد تقوض الكتلة بعد خروجها منها وتمنحها ميزة على المنافسين الأوروبيين، وبالتالي تريد آلية قائمة لضمان عدم انحراف المملكة المتحدة بعيدًا عن معايير وقواعد الاتحاد الأوروبي،بينما تجادل المملكة المتحدة بأن هذا يربط البلاد بالاتحاد الأوروبي ويحرمها من الحق في أن تكون دولة مستقلة.
انخفاض الجنيه الإسترليني في عام 2021
تكشف توقعات بنك HSBC عن الجنيه البريطاني في عام 2021 عناحتمالية تراجع العملة، حتى في حالة تحقيق المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لاتفاق تجاري بعد البريكسيت، تتعارض وجهة نظر أكبر بنك في المملكة المتحدة مع إجماع توقعات المحللين الذين يعتقدواأن الجنيه سوف يرتفع مقابل الدولار الأمريكي واليورو خلال الأشهر المقبلة، شريطة أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة قبل نهاية 2020.
يقول محللو بنك HSBCأن لديهم وجهة نظر معاكسة للإجماع على الجنيه الإسترليني، حيث يشككون في استمرار مرونة الجنيه الإسترليني الأخيرة ويتوقعوا أن تضعف قيمة العملة عن المستويات الحالية، وذلك بناءً على ديناميكيتين متدهورتين خاصتين بالمملكة المتحدة والتي ستؤدي إلى ضعف الجنيه:
1) ستزداد الخلافات التجارية: حتىإذا تم الاتفاق على صفقة هذا العام، فإن المملكة المتحدة لا تزال ستواجه تكاليف أكبر لممارسة الأعمال التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر شريك تجاري واستثماري للبلاد.
حتى مع اتفاقية التجارة الحرة ستكون التكاليف المتزايدة في شكلحواجز غير جمركية كبيرة بنسبة تصل إلى 14٪ بناءً على تحليل وزارة الخزانة البريطانية، وأما في حال عدم وجود صفقة ستشهد عوائق أكبر أمام ممارسة الأعمال التجارية.
2) تعثر التعافي الاقتصادي من أزمة فيروس كورونا: لقد تأثر الاقتصاد البريطاني بشدة بأزمة فيروس كورونا أكثر من العديد من نظرائه العالميين في مجموعة العشرة.
شهدت المملكة المتحدة أكبر صدمة نمو سلبي في الربع الثاني بين اقتصادات مجموعة العشرة وتواجه الآن أبطأ وتيرة للتعافي، لهذا قد يبدو الانتعاش الاقتصادي المفاجئ الذي حققه الاقتصاد البريطاني في وقت سابق غير مستدام بالفعل وسيتأرجح مع فرض قيود أكبر على النشاط،وتشير تراجع مرونة الاقتصادإلى تقلص الدعم الحكومي مقارنة بالربعين الثاني والثالث.
ونظرًا للرياح الاقتصادية المعاكسة يجب أن تنخفض قيمة الجنيه الإسترليني لجذب المستثمرين الدوليين لتحويل رأس المال إلى البلاد.
يمكن أن تساعد العملة الأكثر ليونة في تعويض الأداء السلبي النسبي لارتداد اقتصاد للمملكة المتحدة مقابل أقرانها، من منظور طويل الأجل فإن الضغط على الاقتصاد البريطاني بسبب وضع حواجز أكبر أمام نموهفي وجود الصفقة التجارية ستؤدي في النهاية إلى الضغط على الجنيه الإسترليني، ومن المرجح أن تكون نسبة الخصم تتراوح بين 5% و 10٪ حتي نهاية عام 2021 التي ستدفع بالجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي عند مستوى 1.25 وتعتبر تلك القيمة متواضعة.
في حالة فشل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في التوصل إلى اتفاقية تجارية، من المرجح أن تكون نسبة الخصم بحوالي 20% -25٪ على الأقل على المدى القصير، مما يؤدي إلى انخفاض الجنيه الإسترليني أمام الدولار إلى 1.10.
سيكون للجنيه الإسترليني تأثيرات واسعة النطاق على المملكة المتحدة بعضها جيد وبعضها سيئ، على الجانب السلبي ستؤدي التعريفات والحواجز الجديدة بموجب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سواء بصفقة أو دون صفقة إلى رفع أسعار السلع المستوردة، ولن يؤدي انخفاض الجنيه إلا إلى تفاقم ذلك بما سينتج عنه ارتفاع التضخم وتكلفة المعيشة في وقت سيعاني فيه الاقتصاد من ذلك، من ناحية أخرى، فإنه يجعل البضائع البريطانية أرخص للمشترين في الخارج ويعزز من صادراتها، كماسيجعل الأصول البريطانية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.
صفقة بريكست ممكنة في الأسبوع المقبل أو نهاية العام
يمكن أن توقع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على اتفاق التجارة في الأسبوع المقبلعلى الرغم من انخفاض مستويات الثقة في الآونة الأخيرة،ومع ذلك، تشير بيانات متناقضة إلى أن المفاوضات يمكن أن تجري في نهاية المطاف وأن الموعد النهائي الحقيقي الذي يتصوره الاتحاد الأوروبي هو 31 ديسمبر.
والجدير بالذكر، أنه حتى إذا نفد الوقت وغادرت المملكة المتحدة الفترة الانتقالية بموجب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون صفقة، فإن هذا لا يمنع كلا الجانبين من مواصلة التفاوض في العام المقبل، لكن حتى اتمام الاتفاق سيلزم أن تعود التجارة بينهما إلى شروط منظمة التجارة العالمية، وهذا من شأنه أن يتسبب في اضطراب كبير.