”البيكوال” .. زيتون زيت أم مائدة؟
شجرة زيتون البيكوال كما نعرف جميعا، منشأها دولة أسبانيا، وهو صنف يخصص إنتاجه بالكامل لاستخراج الزيت في أسبانيا.
والصنف له عدة أسماء محليه منها نيفادلو بلانكو Nevadillo Blanco ومارتينو Marteno ولوبيرينو Lopereno ويُساهم بنسبة 50% تقريبًا من إنتاج أسبانيا من زيت الزيتون، ويُزرع فى مقاطعات خين وقرطبه وجرانادا على مساحات تبلغ 870 ألف هكتار (2.14 مليون فدان) بنسبة 31.5% من مجمل المساحه المنزرعة بالزيتون والبالغه 2.760 مليون هكتار (6.8 مليون فدان).
زيتون البيكوال صنف زيت
ويُعد البيكوال من أهم الأصناف على مستوى العالم لإنتاج الزيت ومن أكثرها إنتشارًا، حيث يُمثل طبقًا لما ورد فى Olive Oil Times ثلث الإنتاج العالمى من زيت الزيتون.
وزيت البيكوال عالى الجوده ومميز جدًا لصفاته الجينية من إرتفاع نسبة الحمض الدهنى الأوليك والتى لا تقل عن 78.3%، وكذلك لمحتواه العالى من البوليفينولات، ولذلك فخواصه الحسيه ممتازه من حيث فاكهيته ومرارته وشحطته، وهو عالى الإستقرار وعمره التخزينى طويل يتجاوز العامين بسهولة، وبأقل تغير لخواصه الكيميائية والحسية، خاصة إذا ما تم مراعة توقيت حصاده ومعاملات ما بعد الحصاد حتى وصوله لمائدة المستهلك.
وفى دولة منشأه، لا يعامل البيكوال على أنه صنف مزدوج الغرض، لأن متوسط وزن الثمره تحت الظروف البعلية لا يتجاوز 4.3 جرام، أما فى الظروف المصرية٬ ومنذ دخول الصنف وبداية إنتشاره بالتدريج من أوائل الثمانينات، فمتوسط وزن الثمرة يصل إلى 9 - 11 جراما، نتيجة للرى المستدام وتحسين خواص التربة بالمواد العضوية بصفه شبه سنويه والتسميد، مما يشجع على إعتباره صنف مزدوج الغرض، حيث قابليته للتخليل الطبيعى أخضر وشوكلاته وأسود.
وأشقاؤنا وأهلونا في الفيوم، برعوا فى إدارة جمع البيكوال على مراحل، خاصة عندما يكون الحمل غزيرا، منها مرحلة الخف الأخضر ثم جمع "وشين" شوكولاتة، الثاني منهما أخف "لتسمير" الباقى.
الصنف أخذ شهرته فى التسويق بسعر مرض للتخليل الأسود لفتره طويلة، حتى ظهور زراعة الكلاماتا محليًا،٬لأن معظم الأصناف الوطنيه تُستخدم للتخليل الأخضر عدا القليل من "الحامض" و"الوطيقن" و"السنارة".
وأشقاؤنا في بلاد الشام يخللون الأصناف الزيتية، فما الضير فى تخليل البيكوال، علمًا بأن الأصناف الزيتية تكون أحلى مذاقًا ولا يعيبها صغر الحجم مثل الكوروناكى والشملالي، لأن إنفصال البذره عن اللحم يكون سهلا جدا بسبب المحتوى الزيتى وتكون البذره غاية النعومة.
وكلما ذُكر البيكوال، أتذكر مقوله لأستاذنا وأستاذ الأجيال الدكتور سعيد حجازى عندما إعتبرناه مزدوج الغرض إذ كان يقول "المصريين يخللوا قشر البطيخ".
ارتفاع الحموضه والبيروكسايد
زيت البيكوال عالى الإستقرار جدا مقارنة بغيره من أصناف الزيتون وذلك يتضح جليًا فى إختبار الرانسيمات المعملى، والذى توضع فيه العينات تحت درجة حراره مرتفعه وغير متذبذبه مع إمرار هواء بكميه ثابته ومستمره٬ إذ يصل زيته للتزنخ بعد 111 ساعه بينما صنف الأربيكوين يتزنخ بعد 42 ساعه. مرجعية إستقرار أى زيت زيتون تبدأ بالصفات الجينية للصنف وتركيبتة الدهنيه ومحتواه من الفينولات٬ ثم يلى ذلك البيئة المحيطة ومنها المُناخ والتربه وخواص مياة الرى ثم جودة الثمار وخلوها من إصابات الأفات والأمراض البكتيرية والفطرية.
وبنفس درجة الأهمية لكل ما سبق، تأتى معاملات رعاية البستان وتوقيت الحصاد لتكون الثمار فى مرحله نضج مناسبة، تحتوى على أعلى محتوى من الفينولات، وهى المرحله التى لا تتوافق مع أعلى كم من الزيت (الرسم البيانى)، ثم معاملات ما بعد الحصاد من الحفاظ على الثمار والإسراع بالعصر خلال ساعات، وعدم إستخدام الحرارة أو إضافة مياه لزيادة كمية الزيت المستخرج ثم طريقة تخزينه وفصل الرواسب.
ولكل ما سبق، فأى صنف يتم حصاده وعصره عند إكتمال النضج وتحوله للون الأسود فالثمار نفسها تكون حموضتها مرتفعة قبل عصرها ويكاد محتواها من الفينولات المضادة للأكسده أن يكون منعدما (الرسم البيانى) ومن ثم فإستقرار الزيت يكون ضعيف جدا ويفسد بسرعه. أما القول بأن حموضة وبيروكسيد زيت البيكوال تحديدا يرتفعان بسرعة، فهذا الرأى ينطبق على أى زيت تم إستخراجه من ثمار سوداء تامة النضج على أبواب مرحلة الهِرَم، ولا يخص زيت البيكوال تحديدًا بأى صورة.
ومن الثابت أن أفضل جوده لزيت الزيتون من أى صنف تكون عند مرحلة نضج يتم فيها حصاد ثمار منها 60% مشكلط وال 40% بين الأخضر والأسود (الرسم البيانى).
نسبة استخراج زيت الزيتون
فى أسبانيا، تتراوح نسبة استخراج زيت الزيتون صنف البيكوال، بين 18 و 28%، وهذا التفاوت نتيجه لمجموعه كبيره من التباديل والتوافيق لعوامل كثيره وكلها متغيره بصفه دائمة، ومنها إختلاف ظروف المناطق وإختلاف مراحل النضج التى تم عصر الثمار عندها وحمل الأشجار من موسم لآخر وأيضًا تفاوت المناخ، فمثلا الصيف الطويل الحار يؤدى إلى تغير التركيبه الدهنيه وإنخفاض نسب الزيت ومحتوى الفينولات
ومن المؤكد أن طرق العصر تؤثر على نسبة الاستخراج، فالنتيجه المتحصل عليها من المكابس تختلف عن تلك الخارجة من المعاصر المستمرة على الساخن أو على البارد، أو بإضافة مياه فى العجانات والديكانتر من عدمه، وفى إستخدام المياه فى العملية التى يُطلق عليها تلميع الزيت.
وذكر رقم إستخراج معين لا يعدو كونه رقما فاقد الدلالة ما لم يكن مصحوبًا بكافة مدخلاته. وبناءًا على ما سبق، فكل أرقام الاستخراج التى يذكرها مزارعو الزيتون سواء7٪، أو 18٪، وحتى 24٪، هى حقيقية ولكن لا يمكن أستخدامها للاستدلال.
……………..
* خبير دولي مصري في مجال الزيتون