”الزايليلا” تهدد زيتون تونس.. ورفع حالة استعداد قصوى للمجابهة
مرض خطير يهدد المزارع التونسية، "Xylella fastidiosa " المرض البكتيري القاتل، و الناتج عن بعض الحشرات الناقلة للمرض مثل aphrophoride, cicadelle,cercopes.
كثر الحديث أخيرا في تونس لدى المهتمين بقطاع الصحة النباتية عن مرض بكتيري يصيب النباتات تتسبب فيه بكتيريا تسمى Xylella fastidiosa، وكان هذا المرض قد عُرف منذ أواخر القرن 19، حيث كان أول من وصف أعراضه على كروم العنب، العالم الأمريكي “بيرس” سنة 1887، ثم بعد ذلك وُصفت أعراضه على الخوخ وغرسات أخرى في عديد المناطق بالقارة الأمريكية. وينتقل هذا المرض عن طريق أنواع من الحشرات الضارة التي تتغذى من النبتة. وقد بينت الدراسات الجزيئية الحديثة، أن هذا النوع البكتيري ينقسم بدوره إلى أنواع فرعية(sub-species) تصيب عددا كبيرا من الأنواع النباتية، حيث تقوم الحشرة الناقلة بحقنها داخل النبتة أثناء تغذّيها منها. وبعد دخولها بهذه الطريقة في النبتة، تستقر البكتيريا في النسغ الأولي داخل الأوعية الخشبية(xylem) ، فتتكاثر وتتنقل في النسغ إلى الأسفل وإلى الأعلى بطريقة تجعلها جهازية، محتلة جميع الأنسجة الخشبية للنبتة العائلة، مما يجعل مكافحة المرض عن طريق قص الأجزاء المريضة للنبتة غير مجدٍ تماما.
وتنجرّ عن الإصابة بهذه البكتيريا ظهور أعراض تختلف حسب النبتة العائلة والنوع الفرعي للبكتيريا وكذلك ظروف الإصابة. لكنّ أخطر أنواع الإصابة بهذه البكتيريا على الإطلاق هي التي تظهر على أشجار الزيتون حيث تؤدي إلى تدهور فجئيّ للشجرة وتجفُف سريع لأوراقها ثم تموت. وقد ظهرت هذه الإصابة على الزيتون منذ سنة 2013 في جنوب إيطاليا ففتكت بأعداد هائلة من أصول الزيتون، مما أجبر المصالح المختصة الإيطالية على القيام بإجراءات حجْر نباتي داخلي مشددة، من بينها حرق أعداد كبيرة من أصول الزيتون المصابة وغير المصابة في المنطقة المنكوبة. هذا، وقد أًعلن خلال منتصف سنة 2015 عن ظهور هذا المرض في جزيرة كرسيكا الفرنسية ثم تسرّبه بعد ذلك إلى منطقة نيس بجنوب فرنسا. وقد بين التشخيص الدقيق أن النوع الفرعي الذي ظهر في إيطاليا (Xylella fastidiosa subsp. pauca على الزيتون) يختلف عن النوع الفرعي الذي ظهر في فرنسا (Xylella fastidiosa subsp. multiplex على الآس وهو نبات عطري) وبذلك لم يتم تسرب هذا المرض من إيطاليا إلى فرنسا باعتبار أن النوعين الفرعيين من البكتيريا مختلفان. وتتمثل صعوبة مكافحة هذا المرض في كونه عندما تدخل البكتيريا إلى النبتة العائلة وتنتشر في جميع أجزائها، لا يفيد بعد ذلك لا القص ولا المداواة بالمواد الكيميائية، ولا خيار سوى حرق النبتة للقضاء على البكتيريا داخلها. زيادة على ذلك، تصيب هذه البكتيريا عددا هائلا من الأنواع النباتية العائلة، يعد بالعشرات، ليس فقط من النباتات المزروعة بل ومن الأعشاب الضارة والبرية أيضا، منها المعروف ومنها ربما غير المعروف. أما الصعوبة الثالثة فتتمثل في تعدّد وتنوّع الحشرات الناقلة للبكتيريا التي يفوق عددها المعروف الآن 40، وهي في معظمها حشرات ثاقبة- ماصة من فصيلة نصفيات الأجنحة، توجد مسبقا بعض أنواعها في تونس.
كل هذه المعطيات حول المرض المذكور، تبرر التخوف الكبير من تسربه إلى تونس ومن صعوبة التعامل معه. وهذان التخوف والصعوبة يتضاعفان عدة مرات بالنسبة إلى مزارع الزيتون، بالمقارنة مع المزروعات الأخرى، حيث أن شدة الإصابة وسرعة انتشارها لا يتركان مجالا كافيا للقيام بمكافحة ناجعة.
وفي ظل هذا التهديد الخطير لمزارع تونس، أعلنت الجهات المعنية بالزيتون في تونس وجوب رفع حالة الاستعداد، لمقاومة هذا الخطر المقبل.
وقال المختصون إن أول ما يمكن القيام به هو تدعيم المصالح المختصة بوزارة الفلاحة بالإمكانيات البشرية والمادية والمالية حتى تقوم بمراقبة حجْرية دقيقة وصارمة على معابر الحدود وعلى المنابت خاصة لشتلات الزيتون، وتتهيأ لكل الاحتمالات بما فيها من عمليات تشخيص سريعة للبكتيريا وحشراتها الناقلة ومن تدخلات الاستئصال الواجب القيام بها عند اكتشاف المرض داخل البلاد وكذلك من تجهيز للمهندسين والتقنيين وتدريبهم على كيفية التعامل مع المرض.
وأضاف المختصون بالزيتون في تونس، أنه يجب في نطاق استراتيجية وطنية متكاملة عند ظهور المرض ببلادهم، القيام بحملات تحسيسية لدى الفلاحين حتى يتدخلوا بمداواة مكثفة ضد الحشرات الناقلة للمرض وإتلاف الأعشاب الضارة التي قد تأوي هذا المرض وحرق الأشجار المصابة وغير ذلك من العمليات التي تحد من انتشار العدوى بالبكتيريا.