مرثية لخالد سعودي: ذبحه قلبه السليم
أغلقتُ معه محادثة طويلة، استغرقت ساعة، من الرابعة والنصف عصرا حتى الخامسة والنصف، حدثني فيها عن ذكرياته طفلا في ولاية "أدرار" الجزائرية، حيث عاش طفولته مع المرحوم والده المدرس المعار إلى الجزائر، في عهد الشاذلي بن جديد.
- أثناء المحادثة عن "أدرار"، كنتُ فاتحا الكمبيوتر على مكتبي في مقر موقع "الأرض"، ففتحتُ "جوجل"، وكتبت "ولاية أدرار"، لتنهمر الصور التي تعكس ماضي الولاية الصحراوية، وحاضرها الزاهر، ووجدت تصويرا واقعيا لما سجلته ذاكرته عنها، وما تخيله لها.
- كان خالد سعودي أبو سكين من أنبل الناس خلقا، حتى في نقل الحكاية أو تصوير المشهد أو توصيف الحالة، بعينين أمينتين وقلب نظيف، بعيدا عن الشخصنة، والحقد، وهو ما أهداه إلى تقديم برنامج تلفزيوني أبدع حتى في اسمه: "حسبة برما"، مستلهما اسم مدينة "برما" بمحافظة الغربية، مسقط رأس صناعة الدواجن في مصر تاريخيا.
- كان إذا أغضبه موقف مؤلم، يخصه أو يخص صناعة الدواجن، يرد بحكمة، ولم يكن من هواة اللدد في الخصومة، ورغم حدته في النقاش، كان يُمسِك الخط فلا يخرج عن حدود الموضوع، ولم تكن تفارق لسانه الكلمات الدالة على أصالته وحسن منبته، وسلامة قلبه.
** يبدو لي: أن خالد سعودي مات بمتلازمة "كسر القلب"، وهو الذي عاش بقلب سليم لم يزره الحقد.
** رحمك الله يا خالد .. فقد فَقَدَ بك آلاف من البشر صدرا حنونا، كنا نبث فيه شكاوى ثقيلة، لتردها بحنان إلى أصلها، وتفتتها بلسانك العذب، وروحك الطاهرة.
** لازلت في انتظار وعدك يا خالد بمحادثة بعد التراويح، لتحديد موعد لقائنا في المقطم، بحضور المهندس هشام عابد، كما وعدتني.
** الآن فقط، ومع الخبر المفزع المحزن، وجدتُ مبرر عدم وفائك بموعدنا المحدد، وعدم ردك على رسالتي الصوتية أثناء صلاة الفجر، لتحدثني قبل أن تنام، ويبدو أنك كنت قد نمت نومتك التامة.
** اللهم اجعل هذه الليلة أجمل لياليه، واجعل داره في الآخرة مضاءة بنورك، واجعل حسابه برحمتك يا أرحم الرحمين، وأكرم نزله فلا كريم قبلك ولا بعدك.
اللهم آمين