قُبض على ممدوح الليثى، المنتج الكبير، على أثر تصريحه بأنه مرشح لوزارة الإعلام خلفاً لصفوت الشريف، وقال له وكيل النيابة: أنت متهم بتلقي سيارة مرسيدس رشوة من السعودية، فقال الرجل وقد ظن أن الفرج قد أتاه: الحمد لله، كانوا سياريتين، واحدة لصفوت الشريف، والثانية لي، فقال له المحقق في ثقة وبرود: أما سيارة صفوت الشريف فهدية، لكن سيارتك رشوة!
وتوفيق عكاشه الذى ضُرب بالحذاء، وطُرد من البرلمان، وأغلقت "قناة أمه"، كان الجميع يعلم عنه كل شيء، وكان يمارس حماقاته تحت الأضواء وأمام الكاميرات، وعلاقته الغرامية بإسرائيل لم تكن سراً، بل كان هناك برنامج يومي عن الصحافة العبرية، وكان دائم المدح في أبناء عمومته، وما لقائه بالسفير الإسرائيلى إلا تتويجاً لنشاطه وترجمة لأفكاره.
ثم نتعامل معه اليوم وكأننا فوجئنا بالأمر!
فجأة اكتشفنا أن شهادته في الدكتوراة مزورة، وأن الجامعة الأمريكية التي منحتها له مجرد وهم لا وجود لها، رغم أن الجميع كانوا ينادونه بلقب دكتور، حتى تحت قبة البرلمان!
فجأة اكتشفنا أنه يملك 500 فيللا، وأنه حصل على مئات الملايين من الجنيهات من أعمال السمسرة، وهو الذي كان يضن برواتب العاملين معه في القناة، بل كان دائم التسول من الأفراد وشركات الإعلانات والدولة.
رأيناه في الكويت يقف على سبورة، يشرح لنا مصيرنا، ويحدد المخاطر التي تحيط بنا، ويرسم بعبقريته الفريدة استراتيجية وجودنا، فإن كان أرسطو هو المعلم الأول، والفارابي هو المعلم الثاني، فقد جعلنا من عكاشة المعلم الثالث!
إنها حالة مرضية موروثة، مصرية خالصة، يظل الشخص يمارس ما يريد، ويصول ويجول، ولا أحد يعترض طريقه مادام مرضياً عنه، ولا أحد يوقفه عند حده، مادام يعرف سر اللعبة، حتى إذا ما نفد رصيده، خرجت من الأدراج عشرات التُهم، وما كان يُميّزه بالأمس، يُصبح جريمته وحبل مشنقته اليوم، فيُقذف به من أعلى برج القاهرة، لتُدق عنقه، وتتكسر عظامه، وهو ماحدث لتوفيق عكاشة كمثال قريب، وما يمكن أن نسميها "الحالة العكوشية".