الشعب المصرى غير سعيد، ممكن فرحان، يفرح فرح الأطفال بدُمية سُرعان ماتنكسر، ويعود الى سابق كآبته، السعادة غير الفرح، السعادة تتسم بالديمومة، عمرها أطول، الفرح لحظى عابر، مثل الجوعان الذى تعطيه قطعة شيكولاته، يفرح بها، لكنها لاتُشبعه، ولا تغنى عن احتياحه إلى الطعام.
فرحنا بقناة السويس الجديدة، وبالمؤتمر الاقتصادى، والمليون ونصف فدان، نعم, ولكنها ليست سعادة، زمان، أيام المجد الحقيقى، كنا نفرح ونسعد فى آن واحد، نؤمم القناة، وننتصر على العدوان الثلاثى الغادر، ونشرع فى بناء السد العالى، ونبنى المصانع، ونفوت على الصحرا تخضر، ونؤمم البنوك، ونشكل الكُتل السياسية العالمية، عدم الانحياز، منظمة الوحدة الافريقية ، منظمة العالم الاسلامى، نُعلم الشعب بالمجان، نقيم المساكن الشعبية، وكل هذا فى أعوام قلائل، فلم يفرح الشعب فقط، وانما فرح وانتشى وتمايل طرباً على انغام منجزاته التى غيرت كل حياته، فأصبح الفلاح مالكاً لأرضه، والعامل شريكاً فى مصنعه، وتحولت مصر الى ورشة عمل كبرى.
لكننا اليوم نسير كالسلاحف، أفراحنا أكبر من انجازاتنا، لأنها لاتغير من واقعنا، الناس ياسادة، تريد حياة كريمة، الناس تتحسس جيوبها، الناس تنزل الى الأسواق، وتعود كما نزلت خالية الوفاض، هذه هى جوهر سعادة المصريين، افرحوا انتم بمنجزاتكم كما يحلوا لكم، ولكن اياكم أن تظنوا أنها مناط سعادة للمصريين، فأنتم حينئذ تتوهمون.
أنتم ياسادتى بدأتم الهرم من قمته، وليس من قاعدته، انشغلتم بجذب رؤوس الأموال الكبرى، والاستثمارات الكبرى، والعاصمة الجديدة، وهى كلها لاتنقذ الاقتصاد من عثرته، ولا المواطن من ضيق حاله، ولاتصب نتائجها الا فى جيوب الأثرياء، ليزدادوا ثراءً، ويزداد البائس بؤساً.
اعملوا على سعادة هذا الشعب، وليس فرحته فرحة عابرة، هذا الشعب الذى كان مضرب الأمثال فى البهجة والنكتة والمرح، قد آل به الحال الى أن يتبوأ الترتيب الثانى عالمياً فى الحزن والغم والضيق، والاكتئاب.