إياك أن "تتزنّد"، أنت فى مصر، مصر الدولة القوية العفية الشابة العجوز، ابنة السبعة آلاف عام.
قال السادات بطريقته الكوميدية الخادعة (يا محمد، مفيش في مصر إلا كبير واحد بس، اللي هو أنا)، كان يحذر الكاتب محمد سلماوي، حين كلفه بالتفاوض مع الصهاينة، فطلبوا منه أن يأتي بواحد كبير، وأن يكون صاحب قرار، ونقل ذلك للسادات.
كما صرح السادات يوماً، بأن الجمسي يصلح وزيراً للحربية مدى الحياة، ثم عزله بعد أسبوع واحد من هذا التصريح. وكذلك حدث للشاذلي وأبو غزالة وإبراهيم محلب، والقائمة تطول، ولاتزال الذاكرة الوطنية تحتفظ بواقعة اعتقال كل رموز الوطن، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، من محمد حسنين هيكل إلى فؤاد سراج الدين، في نهاية حكم السادات، بزعم تمهيد الطريق للصلح مع إسرائيل!
القضية شائكة، أنت أمام دولة لا تقبل أحداً يعلوها، ولا من تتضخم ذاته، ويتصور أنه فوقها، أو أكبر منها، أو من يظن أنه قد صار زعيماً، وأخذ "يبرطع"، ويصول ويجول، فإنها تتركه حتى ينتفخ، ويصدق نفسه، وتكون هي قد أعدت له حبل مشنقته، وأحكمت ربط رقبته به، وفي لحظة معينة، تجذب هذا الحبل بعنف، وتضرب الطبلية التي يقف عليها بحدة، فيهوي في بئر سحيقة، لا يقوم بعدها أبداً.
لكن الأغبياء لا يفهمون، ويتمادون في غيهم، كان آخرهم أحمد الزند، الذي ظن نفسه ناظر العزبة، وصدق الأفاقين حوله بأنه أسد الأسود، وغره التفاف بعض ذوي المصالح حواليه، فتحول في لحظة إلى جمل أجرب، ولص مطارد، ومجرم مطلوب، فلم يجد بُداً من حمل أمتعته، واصطحاب أهله وأحفاده، وما تيسر له، والفرار إلى دولة الإمارات!